باب القول في التيمم
  منصوص عليها بما رويناه عن النبي ÷، وهو مما يرجحها ويقويها على كل ما يعلل به مما يقتضي خلاف حكمها، على أن المخالف لنا في هذا هو(١) أبو حنيفة، وهو يوافقنا على جواز التيمم في الحضر إذا خاف فوت الصلاة على الجنازة، فكذلك سائر الصلوات بعلة أن ترك التيمم يؤدي إلى فوت الصلاة، على أن الاحتياط للصلاة المكتوبة في السفر والحضر إذا كان يؤدي تركه إلى فوتها أوجب.
المسألة الثانية: [في أن التيمم لا يجوز إلا في آخر الوقت]
  استدل يحيى # على أن التيمم لا يجوز إلا في آخر الوقت بأن قال: قد ثبت أن الله تعالى أمر(٢) بالتيمم إذا كان الإنسان غير واجد للماء بقوله تعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}[المائدة: ٦]، وقد ثبت أن الإنسان لا يصير غير واجد للماء بألا يكون الماء في ملكه؛ ألا ترى أن من أمكنه أن يشتري أو يستقي يكون في حكم الواجد؟ فإذن يكون غير واجد إذا أيس منه(٣)، ولا يكون آيساً منه إلا في آخر الوقت، فثبت أن التيمم لا يجوز إلا في آخر الوقت.
  فإن قيل: إن الذي أمكنه أن يشتريه أو يستسقيه(٤) يكون واجداً له وإن لم يكن مالكاً له، ومن لم يمكنه شيء من ذلك يكون غير واجد له(٥).
  قيل له: لا يعتبر بوجود الماء، وإنما يعتبر(٦) أن يتمكن منه أو يجد السبيل إلى التمكن أو يطمع في ذلك؛ ألا ترى أن من وجد الماء مع غيره وكان واجداً لثمنه فليس له أن يتيمم حتى يعلم أنه لا يبيعه ولا يوصله إليه؟ فثبت أنه يصير غير
(١) في (ب): هذه.
(٢) في (ب): قد أمر.
(٣) صوابه: فلا يكون إلى قوله إلا إذا أيس. تمت من هامش المخطوط.
(٤) في (أ): أن يشتريه أو يستقيه أو يستشفعه.
(٥) يعني: وإن كان في أول الوقت. (من هامش أ).
(٦) في (ب، ج): لا معتبر بوجود الماء، وإنما المعتبر ... إلخ.