شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أهل دار الحرب يسلمون أو يسلم بعضهم أو يقبلون الذمة

صفحة 528 - الجزء 6

  قال: فإن كان في أيديهم مكاتب مسلم قيل له: أدِّ مكاتبتك، فإن أدى⁣(⁣١) عتق، وولاؤه لمن عقد عليه الكتابة، وإن أبى أمر ببيعه.

  وقد مضى الكلام أنهم إذا غلبوا على مكاتب المسلمين في دار الحرب ملكوه على ما كان يملكه أربابه، فإذا دخلوا في الذمة وفي أيديهم مكاتب مسلم قيل له: أدِّ مكاتبتك؛ لأنه قد استحقه عليه كما كان مولاه المسلم الذي كاتبه يستحقه، فإن أبى أمر ببيعه؛ لأن المكاتب إذا أبى أن يؤدي مال الكتابة كان ذلك تعجيزاً منه لنفسه، وتنفسخ به الكتابة، ولا يمكن من الاستمرار على تملكه، ويلزم بيعه على ما تقدم.

مسألة: [فيمن يقبل الذمة ومعه أمة مسلمة قد حملت منه]

  قال: فإن كانت مع بعضهم أمة مسلمة قد حملت منه أمر باعتزالها، وما في بطنها مسلم بإسلامها، فإن أسلم الذمي وهي منه في عدة فهي أم ولده، وإن لم يسلم حتى تخرج من عدتها فهي حرة⁣(⁣٢).

  قلنا ذلك لأن الذمي لا يجوز له وطء المسلمة.

  وقلنا: ما في بطنها مسلم بإسلامها لأن الولد يصير مسلماً بإسلام أحد أبويه، وقد مضى الكلام فيه.

  وقلنا: إنه إن أسلم الذمي وهي في عدة منه فهي أم ولده، فإن لم يسلم حتى تخرج من عدتها فهي حرة، كما نقول في الذمي إذا أسلمت زوجته: إنه أولى بها إن أسلم ما دامت هي في العدة، وقد مضى الكلام فيه.

  وقلنا: إنها تكون حرة إن لم يسلم حتى تنقضي عدتها لأنه لا يخلو من وجوه ثلاثة: إما أن نقررها في ملكه، وذلك لا يجوز؛ لأن المسلم لا يجوز تقريره في ملك الذمي، بل يجب إخراجه من ملكه، وإخراجه لا يخلو: إما أن يكون


(١) في (هـ): أداه.

(٢) الأحكام (٢/ ٤١١).