باب القول في أهل دار الحرب يسلمون أو يسلم بعضهم أو يقبلون الذمة
  قال: وكذلك لا سبيل على سائر أموال من أسلم إلا العقار والضياع(١).
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وروي عن أبي يوسف أن العقار والضياع كسائر الأموال لا سبيل عليهما، وبه قال الشافعي.
  أما سائر أمواله التي هي في يده فلا خلاف أنها له، وأنها لا تكون فيئاً، وأما العقار والضياع فوجه ما قلناه فيهما: أن تلك البقاع كانت من جملة دار الحرب قبل إسلام الرجل، وقد علمنا أن إسلام رجل واحد لا يؤثر في دار الحرب، فيجب أن تكون كما كانت، وإذا ثبت ذلك وجب أن تكون غنيمة للمسلمين كسائر دار الحرب. وأيضاً العقار والضياع مما لا يتأتى فيهما(٢) النقل، فلا تثبت اليد عليهما(٣) إلا حكماً، ولا تثبت أيدي المسلمين في دار الحرب حكماً؛ لأن اليد فيها تكون بالغلبة والحيازة، ولا يجري حكم الإسلام فيها قبل ظهور المسلمين عليها، فتكون في الحكم كماله الذي ليس في يده في أنه يكون فيئاً.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إنه مال مسلم، فلا يجوز أن يغنم كسائر ما في يده.
  قيل له: عندنا لا يمتنع أن يغنم مال المسلم على بعض الوجوه، ولهذا نقول فيما يكون من ودائعه عند أهل الحرب إذا استعلى المسلمون على دارهم: يكون فيئاً. على أن رد حكم تلك البقعة إلى سائر البقاع أولى من ردها إلى حكم أمواله(٤) التي في يده.
(١) الأحكام (٢/ ٤٠٨).
(٢) في (ب، د، هـ): فيهن.
(٣) في (أ، ب، ج، د): فيهما.
(٤) في (ب، د، هـ): إلى سائر أمواله.