باب القول في أهل دار الحرب يسلمون أو يسلم بعضهم أو يقبلون الذمة
مسألة: [في الحربي يسلم ويهاجر وأولاده في دار الحرب ثم ظهر المسلمون على تلك الدار]
  قال: ولو أن رجلاً من أهل دار الحرب أسلم وهاجر إلى دار الإسلام، ثم ظهر المسلمون على تلك الدار، وكان(١) للمهاجر فيها أولاد صغار كانوا مسلمين، ولم يدخلوا في الغنائم(٢).
  وذلك أنهم إذا لم يبلغوا لم يكن لهم في أنفسهم حكم في الكفر، وإنما يحكم لهم بالكفر لكفر الأبوين؛ لقول النبي ÷: «المولود يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه ويمجسانه»، فإذا أسلم أحد الأبوين حصل لهم به حكم الإسلام، وإذا حصل لهم حكم الإسلام قبل ظهور المسلمين على دارهم لم يجز أن يسترقوا؛ لأن المسلم لا يبتدأ عليه الرق، وإذا لم يسترقوا لم يكونوا من جملة الغنائم.
  قال: فإن كان له فيها أولاد كبار سبوا ودخلوا في الغنائم(٣).
  وذلك أن الصبي إذا بلغ فحكمه يكون بنفسه، إن كفر كان كافراً، وإن آمن كان مؤمناً، ولم يلحقه حكم أبويه، فإذا كان أولاده(٤) الكبار على الكفر وظهر عليهم المسلمون صاروا غنائم كسائر الكفار.
مسألة: [في الحربي يتزوج صغيرة من أهل دار الحرب ويدخل بها ثم يسلم ويسلم أحد أبويها]
  قال: وكذلك إن تزوج حربي صبية صغيرة من أهل دار الحرب ودخل بها ثم أسلم زوجها، فإن أسلم أحد أبويها قبل انقضاء عدتها أسلمت الصبية بإسلام من أسلم من أبويها، وكان زوجها على نكاحها(٥).
  وذلك لما بيناه أن إسلام أحد الأبوين يوجب إسلام الولد الصغير.
(١) في (أ، ب، د، د): فكان.
(٢) الأحكام (٢/ ٤٠٨).
(٣) الأحكام (٢/ ٤٠٩).
(٤) في (ب، د، هـ): الأولاد.
(٥) الأحكام (٢/ ٤٠٩).