شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في محاربة أهل البغي

صفحة 543 - الجزء 6

  كان عاصياً آثماً مرتكباً للمحظور؛ لأن الأسماء لا تؤخذ قياساً، ولهذا لا يسمى المختلس والطرار والخائن والغاصب سارقاً قياساً عليه، ولا تسمى الأنبذة خمراً قياساً عليها، وإنما نسميها خمراً لآثار وردت فيها دون القياس، وقد نبه الله على ما قلناه بقوله: {۞وَإِن طَآئِفَتَٰنِ مِنَ اَ۬لْمُؤْمِنِينَ اَ۪قْتَتَلُواْ} إلى قوله: {فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَيٰهُمَا عَلَي اَ۬لْأُخْرَيٰ}⁣[الحجرات: ٩]، ألا ترى أن اسم البغي لم يجر عليهم إلا بعد القتال⁣(⁣١) والدعاء لهم إلى الصلح والصلاح، فدل ذلك على ما قلناه، وأيضاً قول أمير المؤمنين # لبعض الخوارج: (لكم علينا ثلاث ما كان⁣(⁣٢) لنا عليكم ثلاث: إحداها: لا نبدؤكم بقتال حتى تبدءونا)، فدل على أن البغي يتعلق بالقتال؛ لأنهم لو كانوا بغاة قبل القتال حل قتالهم، فلما لم يحل قتالهم ثبت أنهم يصيرون بغاة بالقتال والامتناع من الرجوع إلى الله بعد الدعاء لهم.

مسألة: [فيما يجب على من أراد محاربة البغاة]

  قال: ويجب على من أراد محاربتهم أن يحتج عليهم قبل قتالهم، ويدعوهم إلى كتاب الله تعالى، فإن أجابوا إلى ذلك حرم قتلهم وقتالهم، وإن امتنعوا من الحق وجب قتالهم⁣(⁣٣).

  وذلك لقول الله ø: {۞وَإِن طَآئِفَتَٰنِ مِنَ اَ۬لْمُؤْمِنِينَ اَ۪قْتَتَلُواْ ...} الآية [الحجرات: ٩]، فأمر ø بالإصلاح، وأمر بالقتال إذا امتنعوا، والإصلاح هو الدعاء إلى الحق وإلى ترك الباطل، والاستسلام لكتاب الله ø وأحكامه، فلما أمر الله ø بذلك قلنا: إنه واجب على من أراد قتالهم، وإن⁣(⁣٤) قتالهم يجب بعد ذلك إذا امتنعوا.


(١) في (أ، ج): إلا بالقتال.

(٢) «كان» ساقط من (أ، ج).

(٣) الأحكام (٢/ ٤٠٢، ٤٠٣).

(٤) في (أ، ب، ج، هـ): فإن.