باب القول في محاربة أهل البغي
باب القول في محاربة أهل البغي
  أيما طائفة من المؤمنين بغت على إمام الحق ولم تلتزم طاعته وجب على الإمام محاربتهم، وعلى سائر المسلمين(١).
  الأصل في قتال أهل البغي قول الله ø: {۞وَإِن طَآئِفَتَٰنِ مِنَ اَ۬لْمُؤْمِنِينَ اَ۪قْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَيٰهُمَا عَلَي اَ۬لْأُخْرَيٰ [فَقَٰتِلُواْ اُ۬لتِے تَبْغِے](٢) ...} الآية [الحجرات: ٩]، وما كان من علي # من قتال عائشة وطلحة والزبير، وقتال معاوية، وقتال الخوارج، وروي عن علي # أن النبي ÷ قال له: «إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»(٣).
  وروي عنه # أنه قال: (لم أجد بداً من قتالهم أو الكفر بما أنزل الله)، وهذا يدل على أنه قاتلهم بنص عن رسول الله ÷ ووعيد من جهته على تركه؛ لأن الذي يكون مأخوذاً عن الاجتهاد لا يجب في الإخلال به الكفر، [وما يكون مأخوذاً من النص أيضاً لا يجوز أن يحكم على من أخل به بالكفر](٤) حتى يكون هناك نص عليه أو ما يجري مجرى النص. ولا أعرف خلافاً في أن السيرة في أهل البغي مأخوذة عن علي #، والباغي اسم شرعي، ولا ينطلق إلا على من بغى على إمام المسلمين، ونصب الحرب، وكانت له فئة ومنعة، كما كان يوم الجمل ويوم صفين ويوم النهروان، وإنما عرفنا حصول الاسم لمن كان كذلك بالإجماع، فأما من خالف الإمام ولم يأتمر له واستعصى عليه أو حال بينه وبين ما يجب له فلا يستحق أن يسمى باغياً قياساً على من خرج عليه ونصب له الحرب، وإن
(١) الأحكام (٢/ ٤٠٢).
(٢) ما بين المعقوفين من (أ).
(٣) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٧٠)، وأمالي أبي طالب (١٠٩، ١١٧) والبزار في مسنده (٢/ ٢١٥) بلفظ: أمرني رسول الله، وأمرت، وأمر علي. والحاكم في المستدرك (٣/ ١٥٠) بلفظ: تقاتل ... إلخ.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).