باب القول في الغنائم وقسمتها
  خالد؟ أولم أف(١) لك بما وعدتك؟ فغضب رسول الله ÷ وقال: «يا خالد، لا تعطه»، وأقبل علي وقال: «هل أنتم تاركوا أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم، وعليهم كدره»(٢)، فمنعُه ÷ القاتل السلب حين تكلم عوف بما تكلم دليلٌ على أنه لم يكن مستحقاً للسلب بالقتل، وأن رسول(٣) الله ÷ إنما كان أمر خالداً بأن يعطيه على سبيل التنفيل دون الاستحقاق؛ لأن الذي يستحقه القاتل لا يجوز أن يمنع لجناية غيره. وأيضاً أَخْذُ خالد منه بعض سلبه مع قول عوف: ألم تعلم أن رسول الله ÷ نفل القاتل السلب كله؟ فقال: بلى، ولكن استكثرته - يَدُلُّ على أنه عرف أن النبي ÷ كان يفعل ذلك على سبيل التنفيل، لا على أنه حق للقاتل(٤)؛ لأن خالداً لم يكن يجوز أن يخالف النبي ÷ فيمنعه ما جعله له(٥) النبي ÷ استكثاراً؛ لأن من فعل ذلك مستحلاً يلزمه الكفر، فدل ذلك على أن الظاهر عندهم في ذلك أنه على سبيل التنفيل لا على سبيل الاستحقاق.
  فإن قيل: فقد روي في بعض الأخبار أن عوفاً قال لخالد: ألم تعلم أن رسول الله ÷ قضى بالسلب للقاتل(٦)؟
  قيل له: يجوز أن يكون المراد بقول من قال: قضى راجعاً إلى التنفيل، سيما وقد دللنا عليه.
  ويدل على ذلك ما روي عن عبدالرحمن بن عوف أن معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء اجتمعا يوم بدر على قتل أبي جهل في حديث طويل،
(١) في (أ، ب، ج، د): أوف.
(٢) أخرجه الطحاوي (٣/ ٢٣١).
(٣) في (ب، د، هـ): ورسول الله.
(٤) في (أ، ب، ج، هـ): القاتل.
(٥) «له» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٦) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٧٤) وأبو داود (٢/ ٢٧٦، ٢٧٧).