باب القول في التيمم
  قيل له: ليس الأمر على ما ظننت؛ وذلك أنه لا يمكنه فعل التيمم في آخر الوقت إلا بضرب من التحري؛ لأنه لا يمكنه أن يعرف الوقت الذي يصادف فراغه من الصلاة فيه فوات وقتها على سبيل اليقين، فإذا تحرى واتفق أنه تبقى بعد الصلاة وقت ولم يجد الماء لم نوجب عليه إعادة الصلاة؛ لأنه إن أعادها أعادها بضرب من التحري كما فعل أولاً، والتحري لا ينقض به تحر مثله، فأما إذا وجد الماء فهو لا يحتاج إلى التحري، بل يصلي على اليقين بأنه مؤد لها في وقتها، والتحري يعترض عليه اليقين.
  ويمكن إيراد القياس فيه، بأن يقال: إنه لا خلاف أن من تمكن ممن الماء قبل أن يصلي بالتيمم يجب عليه أداء الصلاة بالوضوء، فكذلك إذا وجده بعد ما صلى؛ والعلة فيه أنه تمكن من الماء في وقت الصلاة، فكل من تمكن من الماء في وقت الصلاة لزمه أداؤها متوضئاً. وليس لأحد أن يدعي انتقاض هذه العلة بمن تمكن من الماء ثم تعذر عليه قبل أداء الصلاة، وذلك أن(١) التعليل هو للزوم الصلاة متوضئاً، وهذا قد لزمه حين تمكن من الماء، إلا أن اللزوم زال بعد ذلك بتعذر الماء، وذلك لا يكون نقضاً.
  وما ذكرناه من أنه إن وجد الماء بعد وقت الصلاة يتطهر لما بعد ولا يعيد الصلاة فلا خلاف فيه، ويدل على ذلك قول النبي ÷: «فإذا وجدت الماء فأمسسه جلدك».
فصل: [في أن المتيمم إذا رأى الماء حال صلاته وجب عليه الخروج منها وإعادتها بالوضوء]
  والذي يخرج على مذهب يحيى # أن المصلي لو رأى الماء وهو في الصلاة وجب عليه الخروج منها وإعادة الصلاة بالوضوء؛ لأنه إذا أوجب ذلك على من فرغ من صلاته فبالأولى أن يوجبه على من هو في الصلاة.
(١) في (ب): لأن.