باب القول في التيمم
  ومما يبين صحة ذلك: أنه لا خلاف في أن رؤية الماء قبل الدخول في الصلاة تبطل حكم التيمم، فكذلك رؤيته فيها بعلة أنه متمكن من استعمال الماء، فكل من تمكن من استعمال الماء لا حكم لتيممه، ويبن ذلك أن النبي ÷ قال: «فإذا وجدت الماء فأمسسه بشرتك» ولم يستثن حال الصلاة من غيرها، وإذا ثبت وجوب استعمال الماء عليه فلا قول إلا قول من أبطل صلاته.
مسألة: [في أن من لم يجد الماء ولا التراب يصلي على حالته آخر الوقت]
  قال: ومن لم يجد ماء ولا تراباً صلى على حالته في آخر الوقت.
  وذلك منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١).
  والدليل على ذلك: قول الله تعالى: {أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ}[الإسراء: ٧٨]، فأوجب إقامة الصلاة إيجاباً مطلقاً ولم يستثن حالاً من حال، فوجب على كل مخاطب أن يقيم الصلاة وجد الماء والتراب أم لم يجدهما، ويدل على ذلك قوله تعالى: {أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ ٩ عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ ١٠}[العلق]، فمن نهى العادم للماء والتراب عن الصلاة فقد دخل في جملة من ذكر(٢) الله.
  ومما يدل على ذلك: أن من عجز عن ركن من أركان الصلاة أو عما هو شرط في صحتها سقط عنه ما عجز عنه، ولم يسقط عنه ما عداه من أركان الصلاة وشروطها؛ ألا ترى أن من عجز عن القراءة أو القيام أو ستر العورة أو رفع الحدث كالمستحاضة ومن به سلس البول سقط عنه ما يعجز عنه، ويلزمه أداء ما سواه؟ فكذلك من لم يجد الماء ولا التراب يسقط عنه الوضوء والتيمم ويلزمه أداء الصلاة، والمعنى أنه مخاطب بالصلاة عجز عن بعض شروطها، فوجب أن يلزمه ما لم يعجز عنه، [وإلى هذا قصد يحيى بن الحسين في الأحكام حين استدل
(١) الأحكام (١/ ٧٧)، والمنتخب (١٠٦).
(٢) في (أ): ذكرهم. نسخة.