باب القول في المواقيت
  حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي # أنه أتاه رجل فقال: إن أبا موسى الأشعري يزعم أنه لا وتر بعد طلوع الفجر، فقال علي #: (لقد أغرق في النزع، وأفرط في الفتيا، الوتر ما بين الصلاتين، وما بين الأذانين)، فسأله(١) عن ذلك فقال: «ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وما بين الأذنين أذان الفجر وإقامته»(٢).
  ففي هذين الحديثين فساد قول من يقول: إن أول الليل لا يكون وقتاً للوتر، وإن وقته هو آخر الليل.
  فإن قيل: ففي خبر أمير المؤمنين # أنه قال: (وقته(٣) بين أذان الفجر إلى إقامته(٤)) وقد قلتم: إن وقته إلى طلوع الفجر.
  قيل له: يجوز أن يتأول الأذان على الأذان الواقع بين الفجرين، ويجوز أن يقال: إن ذلك وقت لقضائه.
  فإن قيل: لا فائدة في ذكر وقت القضاء؛ إذ الأوقات أجمع وقت له.
  قيل له: ليس الأمر كذلك، بل لتلك الساعة في هذا الباب مزية، فإنه إذا أمكنه أن يصلي الوتر قبل صلاة الفجر كان المستحب ألا يؤخره، وليس كذلك سائر الأوقات، ويجوز أن يقال: إنه وقت للمضطر، أعني: ما بين طلوع الفجر إلى أن يصلي الفجر.
  والذي يبين أن تأخيره إلى آخر الليل أفضل قول الله تعالى: {وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ}[الإسراء: ٧٩]، والتهجد لا يكون إلا بعد القيام من النوم،
(١) يعني: أبا خالد هو السائل لزيد كما في شرح القاضي زيد. (من هامش ج).
(٢) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ٢٣١).
(٣) في (أ، ج): ووقته.
(٤) في (ب): الإقامة.