شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 435 - الجزء 1

  فإن استدلوا بقوله ÷: «اجعلوها بين العشاء والفجر» وقوله: «أوتروا يا أهل القرآن»⁣(⁣١).

  قيل لهم: ما قدمناه من الأدلة يدل على أن هذا الأمر على الندب.

  فإن استدلوا بقوله ÷: «الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا»⁣(⁣٢).

  قيل لهم⁣(⁣٣): أما قوله ÷: «الوتر حق» فليس يتناول موضع الخلاف؛ إذ لا خلاف في أنه حق، وإنما الخلاف في أنه نفل أو واجب، واسم الحق يجمعهما، وقوله: «فمن لم يوتر فليس منا» معناه من لم يوتر راغباً عنه ومستهيناً به؛ بالأدلة التي بيناها، وبدلالة قوله: «الوتر حق»؛ لأنه لما أثبت كونه حقاً وتوعد من لم يفعله كان الظاهر من الكلام أن التوعد لمن لم يفعله معتقداً أنه ليس بحق.

  فإن قاسوه على الواجبات من الصلوات بكونه مؤقتاً كان ذلك منتقضاً بصلاة العيدين⁣(⁣٤) وبركعتي الفجر. على أنا نقيسها على النوافل بعلة أن لا أذان فيه ولا إقامة.

  فأما ما يدل على أن الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة فهو ما أثبتناه عند ذكرنا وقت ركعتي الفجر من حديث عامر الشعبي قال: سألت ابن عباس وابن عمر كيف كانت صلاة رسول الله ÷ بالليل؟ فقالا: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، ثمان ويوتر بثلاث، وركعتان بعد الفجر.

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا عبدالله بن رجاء، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله ÷ يوتر بثلاث،


(١) أخرجه ابن ماجه (١/ ٣٧٠) وأحمد في المسند (٢/ ٣٨٩).

(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٩٢، ٩٣).

(٣) في (أ، ج، د): له.

(٤) كلامه يدل على أن صلاة العيدين غير واجبة فتأمل. (من هامش ب).