باب القول في المواقيت
  أبو الحسين، قال: حدثنا ابن اليمان، قال: حدثنا ابن شجاع، قال: حدثنا سعيد بن عامر ويزيد بن هارون، قالا: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله ÷: «من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها».
  فاقتضى عموم هذا القول جواز فعل الفوائت في كل وقت يذكرن فيه، فبان أنها تقضى في هذه الأوقات الثلاثة، وأن النهي خاص فيما عدا ما ذكرناه.
  فإن قيل: ليس خبركم بأن يكون مخصصاً لخبر النهي بأولى من أن يكون خبر النهي مخصصاً لخبركم؛ لأن كل واحد منهما عام من وجه وخاص من وجه.
  قيل له: إن كان الأمر على ما ذكرتم فإن الخبرين قد تعارضا في الوجه الذي اختلفنا فيه؛ لأن عموم النهي يحظر قضاء الفوائت في هذه الأوقات، وعموم قوله ÷: «فليصلها إذا ذكرها» يوجب قضاءها فيها، فإذا ثبت ما بينا من التعارض في الخبرين من الوجه الذي ذكرناه لم يستقر النهي من قضاء الفوائت فيها، وإذا لم يستقر النهي لم يكن فرق بين هذه الأوقات الثلاثة وبين سائر الأوقات في وجوب قضاء الفوائت فيها. على أن ما قدمنا ذكره من قوله ÷: «من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة قبل طلوع الشمس من الفجر فقد أدرك الفجر» نص فيما نذهب إليه، وقد ذكرنا إسناده فيما تقدم.
  يؤيد ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا عبدالوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن خِلَاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي ÷ أنه قال: «من أدرك من صلاة الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها ركعة»(١).
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا ابن
(١) شرح معاني الآثار (١/ ٣٩٩) وفيه: فليصل إليها أخرى.