شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 441 - الجزء 1

  مرزوق، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي زكريا⁣(⁣١)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله ÷ قال: «من أدرك من صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد تمت صلاته»⁣(⁣٢)، فكل ذلك نص صريح في إجازة فعل المكتوبة في هذين الوقتين.

  فإن قيل: خبر النهي أولى في الوجه الذي اختلفنا فيه من قوله ÷: «فليصلها إذا ذكرها»؛ لأن خبر النهي وارد في وجه بيان الوقت وتفصيله، وخبركم وارد في بيان لزوم القضاء في الفوائت.

  قيل له: خبرنا وإن كان وارداً في لزوم القضاء في الفوائت فإنه يتضمن الوقت؛ لأن قوله: «إذا ذكرها» يوجب أن وقت ذكره لها هو وقت أدائها.

  فإن قيل: فإن خبر النهي خاص، وخبركم عام، وأنتم ترون بناء العام على الخاص.

  قيل له: قد مضى فيما تقدم أن كل واحد من الخبرين عام في وجه خاص في وجه، فلا يلزم فيهما ما ذكرتم.

  فإن قيل: فإن خبرنا حاظر، وخبركم مبيح، وذلك أن خبرنا يحظر الصلاة في هذه الأوقات، وخبركم يبيحها؛ لأن من مذهبه قضاء الفوائت فيها يرى أنه يجوز تقديم نوافلها عليها، فالخبر على هذا مبيح لها عندهم؛ إذ جائز عندهم أن تفعل وجائز أن تؤخر.

  قيل له: ليس الأمر على ما قدرت، وذلك أنه وإن جاز تقديم النافلة عليها في ذلك الوقت فلا يدل ذلك على أن تلك الصلاة غير واجبة فيها؛ لأن الواجب على ضربين: واجب مضيق، وواجب موسع، فأكثر ما في هذا أنه واجب موسع، وذلك لا يقتضي الإباحة؛ ألا ترى أنا نوجب الصلاة في أول وقتها ومع هذا


(١) الصواب: يحيى بن أبي كثير كما في شرح معاني الآثار بهذا الاسناد والمتن. (كاشف).

(٢) شرح معاني الآثار (١/ ٣٩٩).