باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها
  قال في المنتخب(١): «ولا أحب لأحد أن يصلي فوق الكعبة، ولا أراه؛ لأنه لم يتوجه إلى شيء من جدرها، ولم يجعل قبلته شيئاً منها».
  فكان ظاهر كلامه أنه منع من الصلاة فوقها لأنه غير مصل إلى شيء منها(٢)، وأنه متى صلى إلى شيء منها جازت صلاته، وقد ثبت من مذهبه أنه يرى أن المصلي إذا كان أمامه شيء يكون مصلياً إليه وإن كان في مكان منخفض [لأنه # قد قال: وأكره الصلاة فوق النشز إذا كان أمام المصلي في مكان منخفض](٣) عنه نجس [لا يكون مصلياً إليه(٤)].
  فإذا ثبت ذلك فمن المعلوم أن من صلى فوق الكعبة ولم يكن سجوده على آخر حرف(٥) منها يكون أمامه شيء من الكعبة، فإذا كان أمامه شيء من الكعبة فيجب أن تكون صلاته على قوله # مجزية، فلذلك قلنا ما قلنا تخريجاً.
  والدليل على صحة ذلك قول الله تعالى: {فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ}[البقرة: ١٤٤]، ومن المعلوم أن الساجد على آخر حرف منها لا يكون اتخذ شيئاً منها قبلة، وأن الساجد وراء ذلك يكون متخذاً شيئاً منها قبلة.
  فإن قيل: فإن الساجد على آخر حرف(٦) إذا قام أو جلس يكون أمامه منها شيء، وهو الموضع الذي يسجد عليه.
  قيل له: هذا صحيح، ولكن المصلي مأخوذ عليه التوجه إلى القبلة في جميع أحواله إذا تمكن من ذلك، فإذا ترك الاستقبال في بعض أركان الصلاة لغير عذر بطلت صلاته.
(١) المنتخب (١٠٥).
(٢) في (أ): من جدرها.
(٣) ما بين المعقوفين من المطبوع.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ج، د). وقال في هامش (ب): في بعض النسخ مضروب على قوله: «لا يكون ... إلخ»، والظاهر أن الضرب مستقيم، فتأمل.
(٥) في (أ): جزء. نخ.
(٦) في (أ، ب، ج): الحرف.