باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها
مسألة: [في أن المساجد أفضل البقاع للصلاة]
  قال: وأفضل البقاع لها المساجد.
  وهذا مما ذكره أبو العباس الحسني | في كتابه المسمى بالنصوص أن محمد بن القاسم رواه عن أبيه القاسم #.
  والوجه فيه أن المساجد أفضل البقاع، فوجب أن تكون الصلاة فيها أفضل، يدل على ذلك:
  ما روي من قول رسول الله ÷: «ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة»(١).
  وأيضاً لا خلاف أن المكتوبات في المساجد أفضل منها في البيوت، فكذلك النوافل، والمعنى أنها فعلت في مواضع خصت بالعبادات.
  فأما ما روي عن النبي ÷ من أن النوافل في البيوت أفضل(٢) فإنها محمولة على أن الغرض بها الإخفاء؛ لتكون أسلم من الرياء.
مسألة: [في وجوب طهارة ما يصلى عليه]
  قال: ولا يصلى في شيء من البقاع إلا أن يكون نقياً من الأقذار.
  وقد صرح به في الأحكام(٣) حين منع من الصلاة في الحمام لما فيه من النجس، ومنها في البيع والكنائس لنجس آثار المشركين.
  والوجه في ذلك أنه لا خلاف في أن المصلى عليه يجب أن يكون مثل المصلى فيه؛ لأن كل من أوجب طهارة الثوب المصلى فيه أوجب طهارة ما يصلى عليه، فإذا ثبت ذلك وثبت وجوب طهارة اللباس في الصلاة بما سنبينه من بعد ثبت وجوب طهارة ما يصلى عليه.
(١) أخرجه مسلم (١/ ٢١٩) والترمذي (١/ ١٠٦) والنسائي (١/ ٩٠).
(٢) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ٢١١) بلفظ: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.
(٣) الأحكام (١/ ١٣٥).