شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ستر العورة والثياب التي يصلى فيها وعليها

صفحة 486 - الجزء 1

مسألة: [في نجاسة الدم إذا بلغ قطرة]

  قال: فأما الدم فيجب إزالته إذا كان قدراً لو كان على رأس جرح قطر، فلو كان دون ذلك لم تجب إزالته.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)؛ لأن الناس اختلفوا فيما فوق ذلك، فأما دون ذلك⁣(⁣٢) فلم يختلفوا فيه وإن كانت عبارتهم عنه مختلفة، فمنهم من قال: إذا كان مثل رؤوس الإبر، ومنهم من قال: إذا كان مثل دم البراغيث، وكل ذلك يرجع إلى معنى واحد أو متقارب.

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا}⁣[الأنعام: ١٤٥]، فأخبر بأنه نجس بعد ما وصفه بأنه⁣(⁣٣) مسفوح، ويؤكد ذلك تعذر الاحتراز منه، والمشقة الغالبة فيه.

  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر، عن محمد بن منصور، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: (خرجت مع رسول الله ÷ وقد تطهر للصلاة، فأمس إبهامه أنفه فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم ير شيئاً، وجف ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض فمسحها، ولم يحدث وضوءاً، ومضى إلى الصلاة)⁣(⁣٤).

  ألا ترى أنه لما كان يسيراً لا يسيل لم يغسل منه يده ولا أنفه؟ فبان بأنه معفو عنه.


(١) الأحكام (١/ ٦١).

(٢) في (أ، ب): لأن الناس اختلفوا فيما دون ذلك، فأما فوق ذلك.

(٣) في (أ): بعدما أخبر أنه.

(٤) مجموع الإمام زيد # (٦٨)، وأمالي أحمد بن عيسى #.