شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها

صفحة 493 - الجزء 1

  والدليل على جواز تقدمها قول النبي ÷: «الأعمال بالنيات»، وقوله: «وإنما لامرئ ما نوى».

  فاقتضى ظاهر الخبرين أن النية والمنوي متى وقعا أجزيا سواء تقدمت النية أو تأخرت أو قارنت، إلا ما منع الدليل منه، على أن الصوم لم يختلف الناس أن تقدم نيته على وقته جائز، فكذلك يجب أن يكون حكم نية الصلاة؛ لأن كل واحدة منهما عبادة ذات أبعاض، فيجب أن يكون تقديم النية على أولها مثل اقترانها به.

  فأما التكبيرة الأولى فلا خلاف في أنها فرض، ويدل على ذلك قول النبي ÷: «تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم»؛ ولأنه بها يتوصل إلى الصلاة، فيجب أن تكون فرضاً كالطهارة وستر العورة.

  واختلف الناس في اللفظ به، وأجمعوا أن الصلاة تنعقد بقول القائل: الله أكبر، والظاهر من مذهب يحيى #: أن الصلاة لا تنعقد بغيره؛ لأنه قال في الأحكام في باب الافتتاح حاكياً عن الله ø: «ثم أمره أن يكبر ويفتتح الصلاة بالتكبير، فقال سبحانه: {وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا ١١١}⁣[الإسراء: ١١١]، وهو أن يقول المصلي: الله أكبر».

  فصرح بأن المراد بالأمر بالتكبير هو: الله أكبر.

  وحكى أبو العباس الحسني ¥ في كتاب النصوص، عن أحمد بن يحيى بن الحسين أنه قال: إن قال: «الله أجل» أو «أعظم» أجزأه؛ لأنه من التكبير معنى.

  ووجه قول يحيى بن الحسين #: أن الذي يعقل من ظاهر التكبير هو قول القائل: الله أكبر؛ ألا ترى أنه يفصل في الشرع واللغة والعرف بين التكبير والتهليل وإن كان التهليل من جهة المعنى تكبيراً؟ وإذا ثبت ذلك وقال النبي ÷: «تحريمها التكبير» اقتضى ظاهره «الله أكبر».

  وعلى أنه هو المشهور من فعل النبي ÷ وفعل من بعده من الصحابة