شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 523 - الجزء 1

  قراءة مرة واحدة في الصلاة، وأوضحنا الكلام فيه.

  ووجه اختياره هذا التسبيح بعينه أنه كالبدل من القرآن؛ بدلالة ما رواه أبو بكر الجصاص، بإسناده عن عبدالله بن أبي أوفى، قال: جاء رجل إلى النبي ÷ فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً، فعلمني ما يجزيني [منه] فقال: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»⁣(⁣١).

  وفي الحديث الذي ذكرناه بإسناده في مسألة الانتصاب بعد الركوع عن رفاعة بن رافع أن النبي ÷ كان جالساً في المسجد، فدخل رجل فصلى، فقال له رسول الله ÷: «إذا قمت في الصلاة فكبر، ثم اقرأ إن كان معك قرآن، فإن لم يكن معك قرآن فاحمد الله وكبر وهلل، ثم اركع».

  فجعله ÷ بدلاً من القرآن.

  فإن قيل: قولكم هذا ظاهر الفساد؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون غير القرآن من الذكر أفضل من القرآن.

  قيل له: لسنا نقول ذلك مطلقاً، ولا يؤدي قولنا إليه، وإنما نقول: إن الركعتين الآخرتين هما موضع التسبيح، فالتسبيح⁣(⁣٢) فيهما أفضل؛ ألا ترى أنه لا خلاف في أن التسبيح في الركوع والسجود أفضل من القراءة، لما كانا موضعين للتسبيح، ولم يؤد ذلك إلى أن يكون التسبيح أفضل من القرآن؟

  يؤكد ذلك أنا نمنع الحائض والجنب من قراءة القرآن ولا نمنعهما من التسبيح، فبان أن الأحوال تختلف؛ فمن الأحوال ما يمنع معها من القراءة رأساً ولا يمنع من سائر الأذكار. ومنها: ما يختار معها سائر الأذكار على القراءة، وشيء من ذلك لا يوجب أن يكون غير القرآن من الأذكار أفضل من القرآن.


(١) شرح مختصر الطحاوي (١/ ٦٦٩) وليس فيه: العلي العظيم.

(٢) في (ب): والتسبيح.