شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها

صفحة 522 - الجزء 1

  وللاستدلال به طريقان: أحدهما: أنا نذهب إلى أن أمير المؤمنين # إذا قال قولاً وجب اتباعه ولم تجز مخالفته، فعلى هذا يجب أن يكون فعله أولى من فعل غيره.

  والثاني: أن الأمر الذي لا مجال فيه للاجتهاد لا يجوز أن يعمل به الصحابي إذا أحسنا الظن به إلا بنص عن الني ÷، وقد علمنا أن موضع القراءة والتسبيح من الصلاة لا تعلم اجتهاداً؛ لأنهما جاريان⁣(⁣١) مجرى الأصول، وإن كنا نرجح بعضها على بعض بالاجتهاد، فإذا⁣(⁣٢) ثبت ذلك ثبت أن أمير المؤمنين # لم يفعله إلا بنص عن رسول الله ÷.

  وقد استدل يحيى بن الحسين ~ في هذه المسألة وفي كثير من نظائرها بهذه الطريقة، واستدل على ذلك بأن قال: إنا وجدنا أذكار الصلاة تختلف، فمنها ما يجهر به في جميع الأحوال، وهو: التكبير والتسليم.

  ومنها ما يجهر به في حال ويخافت به في حال، وهو القراءة في الأولتين من المكتوبات، فإنه يجهر بها في المغرب والعشاء والفجر، ويخافت بها في الظهر والعصر.

  ومنها ما يخافت به في جميع الأحوال، وهو التسبيح في الركوع والسجود، وما يجري مجراه من التشهد.

  فلما وجدنا ما يقال في الركعتين الآخرتين مخافتاً به في جميع الأحوال قلنا: إن الأولى أن يكون ذلك تسبيحاً.

  وليس لأحد أن يقول: إن قول الله تعالى: {مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ}⁣[المزمل: ٢٠] وقوله ÷: «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج» يقتضي تكرير القراءة في كل ركعة؛ لأنا قد بينا فيما تقدم أن ذلك كله يقتضي


(١) في (ب، ج): جاريتان.

(٢) في (ب): وإذا.