شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها

صفحة 554 - الجزء 1

  وروى ابن ضميرة، عن أبيه، عن علي #: (من رعف وهو في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليستأنف الصلاة).

  وأيضاً هو قياس من أحدث متعمداً؛ إذ لا خلاف في أنه تبطل صلاته، والمعنى أنه أحدث في صلاته. وأيضاً هو قياس من تعرى في الصلاة أو نجس ثوبه في أنه تفسد صلاته ولا يجوز البناء عليها، والمعنى أنه قد حصل على حالة لا يحوز له معها الابتداء بالصلاة، فيجب ألا يجوز له البناء.

  وذكر أبو بكر الرازي في شرحه مختصر الطحاوي: أن القياس يوجب فساد صلاته وأنه لا يجوز له البناء، غير أنهم اتبعوا فيه الأثر وتركوا النظر، والأثر هو: ما ورواه ابن جريج، عن أبيه، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، أن النبي ÷ قال: «من قاء في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم»⁣(⁣١).

  يقال لهم: هذا حديث ضعفه أصحاب الحديث⁣(⁣٢)، وإن صح فمعناه المنع من الكلام في الصلاة والنسخ له، إذ⁣(⁣٣) كان مباحاً في الصلاة في أول الإسلام، فكأنه ابتدأ قوله: وليبن على صلاته ما لم يتكلم، وأراد أن الاستمرار في الصلاة إنما يصح لمن لم يتكلم فيها، إبانة عن إفساد الكلام للصلاة، وهذا كلام مستقل بنفسه غير محمول على قوله: «من قاء في صلاته فلينصرف وليتوضأ».

  فإن قيل: كيف اعتمدتم هذا الحديث في إيجاب الطهور على من قاء مع قولكم: إنه قد استضعف؟

  قيل له: نحن شيدنا به سائر الأدلة التي ذكرناها في نقض الطهارة بالقيء وسيلان الدم من الأخبار والمقايسات الصحيحة، وغير ممتنع في الضعيف أن


(١) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٧٧).

(٢) قال الدارقطني في السنن (١/ ٢٨٣): وأصحاب ابن جريج الحفاظ عنه يروونه عن ابن جريج عن أبيه مرسلاً.

(٣) في (أ): إذا.