كتاب الصلاة
  ووجه ما قاله القاسم # من بطلان صلاة المؤتمين إذا كان بينهم وبين الإمام طريق يسلكه الناس هو: ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «لا جمعة لمن يصل في الرحبة»(١).
  ولا خلاف أن الرحبة إذا لم يفصل بينها وبين الإمام طريق أو ما يجري مجراه فالصلاة جائزة، فإذاً المراد به إذا كان بينهما طريق.
  وأيضاً لا خلاف في أنه إذا كان بين الإمام والمأموم بعد كثير أن صلاة المأموم تكون فاسدة، وأن اليسير من البعد لا تفسد معه الصلاة، فاحتجنا إلى الفرق بين القليل والكثير، ولم نجد دلالة شرعية تفصل بينهما، فوجب أن نرجع إلى الإجماع، فكل ما أجمع عليه من البعد على أنه لا يفسد صلاة المأمومين استثنيناه، وقلنا فيما عداه: إنه يفسد صلاتهم، والطريق مما لم يجمعوا على أن حكمه حكم اليسير، فألحقنا حكمه بحكم الكثير، وهذه الطريقة هي الفاصلة عندنا بين الأفعال الكثيرة والقليلة في إفساد الصلاة على ما قدمناه.
  فإن قيل: لم لم تجعلوا الحد ما أجمع عليه أنه يفسد الصلاة؟ ولم لم تقولوا: إن ما دونه مستثنى من الكثير وملحق باليسير؟
  قيل له: لأن هذا خلاف الاحتياط، ووقوف مع الشك في أداء الفرائض، وما قلناه هو الاحتياط، وأداء الفرائض باليقين.
  وحكى أبو العباس الحسني | في النصوص، عن محمد بن يحيى #: أن النهر إذا حال بين الإمام والمأمومين كان سبيله سبيل الطريق في إفساد صلاة المأمومين.
  ووجه ذلك ما ذكرناه في الطريق إذا حال بين الإمام والمأموم.
(١) قال في الكاشف المفيد: لم أجده في شيء من كتب الحديث.