شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 589 - الجزء 1

  خلاف أن صلاته غير باطلة، فثبت أن الذي بطل هو الإمامة، فإذا بطلت الإمامة للمؤتمين به بطلت صلاة المؤتمين؛ لأنهم يكونون قد ائتموا بمن ليس بإمام لهم، ويجرى مجرى أن يأتموا بالمرأة في أن صلاتهم تكون باطلة.

  فإن قيل: أليس من صلى [في نفق]⁣(⁣١) إلى الكعبة أجزته صلاته وإن كانت القبلة فوقه، فما أنكرتم أن تجزي الصلاة خلف الإمام وإن كان الإمام فوقه؟

  قيل له: القبلة ليست هي البناء، بل هي موضع البناء سفل أم علا، بدلالة أن البناء لو نقض ورفع كان التوجه على حاله، وليس كذلك الإمام؛ لأنه لو زال عن مقامه وبعد عنه لم يصح الائتمام به.

  والأقرب على مذهب يحيى #: أن صلاتهم تبطل إذا كان الارتفاع الذي عليه الإمام فوق قامتهم؛ لأنه قال في المنتخب⁣(⁣٢): «أكره الصلاة إذا كان أمام المصلي قذر في موضع منخفض عنه».

  قال: «وإن كان القذر مرتفعاً عنه لم أكره؛ لأنه يستقبل طهارة، والقذر مرتفع عنه» فجعله غير متوجه إلى القذر إذا كان مرتفعاً عنه، ولا يكون ذلك كذلك إلا إذا كان فوق قامته، فقلنا: إن الأقرب على مذهبه أن صلاة المؤتمين لا تبطل حتى يكون الارتفاع الذي عليه الإمام فوق قامتهم؛ لأنهم يكونون غير متوجهين إليه، وعلى هذا يكون قيام الإمام على ارتفاع دون القامة⁣(⁣٣) مخصوصاً من هذه الأخبار بالإجماع.

  ومما يدل من طريق النظر على بطلان صلاة المأموم إذا كان الإمام على سطح: أن المأموم لا يكون خلفه ولا عن يمينه ولا عن يساره، فيجب أن تبطل صلاته كما تبطل صلاة من وقف أمام الإمام أو فوق رأسه.


(١) ما بين المعقوفين من المطبوع.

(٢) المنتخب (٨٠، ٨١).

(٣) في (د) ونسخة في هامش (أ، ب): وعلى هذا يكون ارتفاع الإمام دون القامة.