شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 617 - الجزء 1

  ومما يدل على ذلك: إجماع المسلمين على أن الذمي لا يقضي ما تركه في حال كفره من الصلوات، فكذلك المرتد قياساً عليه؛ والعلة أنه ترك الصلاة في حال الكفر.

  والدليل على صحة هذه العلة: أنه لو تركها مع الإسلام لزمه قضاؤها، وإذا تركها مع الكفر لم يلزمه قضاؤها، فصح أن العلة ما ذكرناه.

  فإن قاسوا المرتد على المسلم في وجوب قضاء الصلاة عليه بعلة أنه قد سلف منه الإقرار بالإسلام - كان قياسنا أولى، وذلك أنه لا مدخل مع الكفر لقضاء شيء من الصلوات، وقد يسقط قضاؤها بعد الإقرار بالإسلام لعوارض، مثل الإغماء والجنون ونحوهما، فكان الكفر في إسقاط القضاء أقوى من الإقرار بالإسلام⁣(⁣١) في إيجاب القضاء، وأيضاً فإن قياس الكافر على الكافر أولى من قياسه على المسلم.

  فإن قيل: إذا ثبت أن المسلم لو ترك الصلاة لزمه قضاؤها لم يجب أن يسقط [القضاء⁣(⁣٢)] عن المرتد إذا تركها؛ لأنه لم يزد على أن ضم معصية أخرى إلى تركها.

  قيل له: هذا يعترض بالذمي⁣(⁣٣)؛ لأنه أيضاً لم يزد على أن ضم معصية أخرى إلى ترك الصلاة، ومع هذا فلا قضاء عليه، على أنا قد بينا أن وجوب القضاء فرض ثان، ولا يمتنع أن يثبت في وجه ولا يثبت في آخر؛ لأن العبادات تتعلق بالمصالح، فلهذا تجب في وقت ولا تجب في وقت، ويخاطب المكلف بها في حال ولا يخاطب في أخرى. وعلى هذا النحو يجب أن يكون جواب من قال: إن من


(١) قبل الردة، يريد أن الكفر سبب قوي في إسقاط القضاء فلا يقاومه الإقرار بالإسلام من المرتد قبل الردة حتى يكون موجباً للقضاء، فافهم. (من هامش ب).

(٢) ما بين المعقوفين من (أ، د).

(٣) في (أ، ج): يعترضه الذمي.