باب القول في قضاء الصلوات
  من الفوائت خمس صلوات أو أقل منها أو أكثر ومن(١) لا فوائت عليه، وفي هذا صحة ما نذهب إليه وفساد قول من يقول بوجوب الترتيب في قضاء الفوائت.
  ويدل على ذلك أيضاً: قول الله تعالى: {أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ ٩ عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ ١٠}[العلق]، ومن يقول بالترتيب ينهى من يصلي صلاة وقته وعليه من الفوائت ما هو أقل من ست صلوات.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه(٢) لما فاتته أربع(٣) صلوات يوم الخندق حتى كان عند هَوِي(٤) من الليل قضاهن على الترتيب(٥). فدل ذلك على وجوب الترتيب في الفوائت.
  قيل له: ما ذكرت يدل على أن الترتيب فيهن جائز، وليس فيه أنه واجب، ونحن لا ننكر جواز قضاء الفوائت على الترتيب.
  فإن قيل: إنه يدل على الوجوب؛ لأنه فعل وقع من النبي ÷ بياناً لمجمل، وهو الصلاة.
  قيل له: ليس للقضاء(٦) لفظ مجمل فيكون هذا الفعل منه بياناً له، وإذا لم يكن ذلك على ما ادعيت بطل قولك: إنه يدل على الوجوب.
  فإن قيل: قد قال ÷: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، فدل ذلك على وجوب الترتيب؛ لأنه # صلى مرتباً وأمرنا أن نصلي كما رأيناه يصلي.
  قيل له: قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» هو أمر بما يسمى صلاة أن نفعله على الوجه الذي يفعله ÷، ونحن لم نختلف في الصلاة، وإنما اختلفنا في
(١) في (أ، ب، ج): أو من.
(٢) في (أ): ويدل على ذلك ما روي عن النبي ÷ لما فاتته ... إلخ.
(٣) الظهر والعصر والمغرب والعشاء كما في سنن الترمذي.
(٤) الهوي بالفتح: الحين الطويل من الزمان. وقيل: هو مختص بالليل. (نهاية).
(٥) أخرج ذلك الترمذي (١/ ٢٤٦) وأحمد في المسند (١٨/ ١٨٧).
(٦) في (ج): ليس اللفظ لفظ ... إلخ.