كتاب الصلاة
  فإن قيل: فقد روي أن أعرابياً سأل النبي ÷ عن الفرض في اليوم والليلة، فقال: «خمس». فقال: هل علي غيرها؟ فقال: «لا، إلا أن تتطوع».
  فدل ذلك على أنه يجب عليه التطوع؛ لأنه استثني من نفي الواجب، وذلك يقتضي الوجوب.
  قيل له: هذا استثناء من غير جنسه بالأدلة التي ذكرناها ونذكرها، وإذا كان كذلك لم يقتض الوجوب، ويكون كأنه قال ÷: «لا؛ لكن إن تطوعت كان ذلك». وقد ورد «إلا» بمعنى «لكن» في القرآن والشعر في غير موضع.
  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف بيننا وبين خصومنا أن من ظن أن عليه صلاة فدخل فيها للقضاء، فعلم أنها لم تكن عليه فأفسدها أنه لا قضاء عليه، فكذلك المتطوع إذا أفسد صلاته؛ والعلة: أنها عبادة لا يمضى في فاسدها، فوجب ألا تلزم بالدخول.
  ويمكن أن يقاس بهاتين العلتين على من(١) أفسد صلاته بالارتداد، أو(٢) على من تطوع بصوم يوم النحر أو يوم الفطر ثم أفسده أن لا قضاء في شيء من ذلك عند المخالف.
  ويمكن أن يقاس أيضاً على من تطوع بالوضوء ثم أفسده قبل إتمامه، ويكون قياسنا أولى من قياسهم ما(٣) اختلفنا فيه على الحج والعمرة؛ لأنه قياس صلاة على صلاة، وصيام على صيام، فهو أولى من قياس الصلاة والصيام على الحج والعمرة، على أن قياسهم مدفوع بنص قوله لأم هانئ حين أفطرت: «إن كان تطوعاً فن شئت فاقضي فإن شئت فلا تقضي».
(١) في (أ، ب، ج): على أن من.
(٢) في (ب): وعلى.
(٣) في (أ، ب، د): بما.