باب القول في صلاة السفر والخوف
  قيل له: ليس في الحديث أنه ÷ كان ينوي إقامة هذه المدة ثم قصر، وليس يمتنع أن يكون أقام ما أقام من غير تقديم العزم عليه، ونحن نقول: إن من أقام من غير تقديم العزم يقصر(١) شهراً، فقد بان أن ما روي عن النبي ÷ غير قادح في مذهبنا.
  على أنا قد دللنا في كتاب الحيض على أن أقل الطهر عشر، فوجب أن يكون أقل الإقامة عشراً؛ لأن كل واحد منهما حال يعود معها ما أسقط للحالة المنافية لها من الصلاة مع القدرة عليها.
  وأيضاً قد تقرر على أصولنا أن العشر قد جعلت حداً بين القلة والكثرة في كثير من الأصول، نحو أقل المهر، وأقل ما يقطع به السارق، فصار ذلك شهادة لقياسنا ومؤيداً له.
  ومن أصحابنا من استدل على أن من لم يعزم على المقام يقصر شهراً ثم يتم بقول الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ}، فدل بقوله: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ} على أن من حضر شهراً وجب عليه الصيام، فكأنه قال تعالى: من أقام شهراً فليصم شهر رمضان.
  فإن قيل: روي أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر وهو يقصر الصلاة(٢)، وروي أن أنساً أقام بنيسابور سنين(٣) يقصر(٤).
  قيل له: إن من أصلنا أن علياً # إذا روي عنه الحكم وجب اتباعه ولم يجز العدول عنه إلى ما يروى عن سائر الصحابة، وقد روينا ما نذهب إليه عن
(١) في (د): عزم قصر.
(٢) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٢/ ٥٣٣).
(٣) في (ب): سنة.
(*) في شرح القاضي زيد: سنة أو سنتين. (من هامش أ، د).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٤٤٢) وفيه: أقام بنيسابور سنة أو سنتين.