شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صلاة السفر والخوف

صفحة 646 - الجزء 1

  جاءت الطائفة الاخرى التي لم تصل، فصلوا⁣(⁣١) معه.

  فإن قيل: ولم قلتم: إن المراد بقوله: {فَإِذَا سَجَدُواْ} إذا⁣(⁣٢) فرغوا من الصلاة؟

  قيل له: لأن الله تعالى قد نبه على ذلك بقوله تعالى: {وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ}⁣[النساء: ١٠٢]، فلو كانت الطائفة الأولى أيضاً لم تصل لم يقل تعالى: {وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ}، إذ الطائفتان جميعاً لم تصل واحدة منهما؛ لأن من فعل بعض الصلاة لا يقال: إنه قد صلى، فنبهت الآية على أن الطائفة الثانية تجيء بعدما صلت الطائفة الأولى، ولا تكون صلت إلا إذا فرغت.

  فإن قيل: ظاهر الآية يوجب أن الطائفة الثانية تأتي إذا سجدت الطائفة الأولى، وهو مذهب أبي حنيفة دون مذهبكم.

  قيل له: ما يقتضيه ظاهر الآية ليس مذهباً لأحد؛ لأنه يقتضي أن تأتي الطائفة الثانية إذا سجدت الطائفة الأولى، ومذهب أبي حنيفة أن الطائفة الثانية لا تأتي حتى تسجد الطائفة الأولى سجدتين ثم تقوم وتأتي موضع الطائفة الثانية، ثم تجيء الطائفة الثانية، فكل⁣(⁣٣) منا ومن أبي حنيفة يثبت ما لا يتضمنه ظاهر الآية، فليس يثبت لهم أن الظاهر معهم.

  على أن قوله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُواْ} يدل على أن المراد ما ذهبنا إليه؛ لأنه لو كان المراد به السجود دون الفراغ من الصلاة لكان الأولى بسياق الآية أن يقول: فإذا سجدت بهم؛ لأن الخطاب للنبي ÷، فانصراف الكلام عن أصله من الخطاب يدل على أن المراد به فراغ القوم من صلاتهم.


(١) في (أ، ب، ج): فيصلوا.

(٢) في (د): فإذا.

(٣) في (ب، د): فالكل.