شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صلاة السفر والخوف

صفحة 653 - الجزء 1

  فإن قيل: يجوز أن يكون القوم قضوا الركعتين.

  قيل له: قد يجوز أن يكون النبي ÷ صلى الفرض مرتين⁣(⁣١)، فقد روي أن ذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ، وقد ورد النهي عن [النبي ÷(⁣٢)] أن تصلى في يوم الفريضة مرتين، فإذا احتمل ما ذكرناه لم يمكن القطع على أنه ÷ صلاها مقيماً.

  وأيضاً لا خلاف أنها لا تصلى إلا في الخوف، فوجب ألا تصلى إلا في السفر قياساً على الخوف؛ والعلة أنه أحد شرطي القصر بمقتضى الظاهر.

مسألة: [في صلاة الخوف إذا كانوا لا يقدرون على القيام والركوع والسجود]

  قال القاسم #: وإذا كان خوف لا يقدرون معه على الصلاة قياماً وركوعاً وسجوداً أومأوا برؤوسهم إيماء، ويكون السجود أخفض من الركوع.

  قال: وإن لم يمكنهم من الصلاة إلا التكبير والذكر كبروا وذكروا الله سبحانه، وفعلوا من ذلك قدر ما يمكنهم.

  وهذا كله منصوص عليه في مسائل النيروسي، وذلك لقول الله تعالى: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ}⁣[القرة: ٢٣٩]، والراكب لا يمكنه أن يصلي إلا مومياً.

  ولقول النبي ÷ لعمران بن حصين: «صل قائماً، فإن لم تستطع فجالساً، فإن لم تستطع فعلى جنب، تومئ إيماء».

  ولا خلاف أن المريض الذي يخاف التلف من الانتصاب والركوع والسجود يصلي مومياً، فكذلك المحارب قياساً عليه.

  وكذلك إن تعذر الإيماء عليهم ذكروا الله وكبروه؛ لأن سقوط ما يتعذر لا يسقط ما لا يتعذر.


(١) هذا التأويل قريب؛ لأن أبا داود ذكر هذا الحديث في سننه وصرح فيه بأنه سلم في كل ركعتين. (من هامش أ، د).

(٢) ما بين المعقوفين من (د).