باب القول في صلاة الجمعة والعيدين
  فإن قيل: روي عن النبي ÷: «لا جمعة [ولا تشريق(١)] إلا في مصر جامع»(٢).
  قيل له: يحتمل أن يكون المراد به نفي الفضل والكمال دون الإجزاء، كما روي: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد»(٣).
  ويحتمل أن يكون المراد به لا جمعة يفسقون بتركها إلا في مصر جامع.
  ويحتمل أيضاً أن يكون المراد بقوله: «مصر» موضع الاستيطان، على أن أصحاب أبي حنيفة - وهم المخالفون في هذه المسألة - يذهبون إلى أنه لا يجوز التعلق بظاهر هذه الأخبار؛ لأنها عندهم من المجمل؛ لاحتمالها نفي الإجزاء ونفي الكمال، فيجب أن يكون تعلقهم بقوله: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع» فاسداً على أوضاعهم.
  وأيضاً هذه المواضع قياس على المدن بعلة أنها مواضع الاستيطان، فيجب أن تصح الجمعة فيها.
  وقلنا: إن القرية يجب أن يكون فيها مسجد يجمع فيه لأنه لم يرو عن النبي ÷ أنه أقام الجمعة إلا في المساجد(٤)؛ ولأن ذلك فعل المسلمين وعادتهم توارثها الخلف عن السلف.
(١) ما بين المعقوفين نسخة في هامش (ب).
(٢) قال في الكاشف المفيد: لم أجده مرفوعاً، وإنما هو موقوف على علي #. أخرجه في مجموع زيد بن علي (١٠٩)، وأمالي أحمد بن عيسى (١/ ١٨٨) وابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٤٣٩) وغيرهم.
(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٢/ ٢٩٢) والحاكم في المستدرك (١/ ٣٧٤).
(٤) قد روى صلاته ÷ في بطن الوادي ابن سعد وأهل السير.