باب القول في صلاة الجمعة والعيدين
  ويدل على فساده: أنه لا خلاف في أن من شرط الجمعة أن يحصل الجمع الحقيقي في عدد المؤتمين، وقد ثبت أن أقل الجمع ثلاثة، فبطل به قول من قال: إنها تصح باثنين سوى الإمام.
المسألة الثانية: [أن الجمعة تقام في القرى والمناهل]
  والذي يدل على أنها تقام في القرى والمناهل قول الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ}[الجمعة: ٩]، وقوله ÷: «فرضت عليكم الجمعة في مقامي هذا». وما روي عنه: «الجمعة تجب على كل مسلم»(١).
  فاقتضت هذه الظواهر وجوبها على جميع الناس في أي موضع كانوا، فلما أجمعوا على المواضع التي ليست بمواضع الاستيطان أن الذين بها لا جمعة لهم(٢) في تلك المواضع خصصناهم، وبقي الذين هم في المدن والقرى والمناهل.
  على أنه قد روي عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، أن أسعد بن زُرَارة أول من جمع بنا في حرة بني بياضة(٣).
  وعن ابن عباس: أول جمعة جُمِّعت في الإسلام بجُوَاثَا قرية من قرى البحرين(٤).
  فدل الخبر على ما نذهب إليه، وذلك يجري مجرى الإجماع؛ لأنه فعل وقع من جماعة من الصحابة ولم يرو عند أحد منهم خلافه.
(١) أخرجه أبو داود (١/ ٣٢٥).
(٢) في (ب): عليهم.
(٣) أخرجه أبو داود (١/ ٣٢٥)، وابن ماجه (١/ ٣٤٣).
(٤) أخرجه البخاري (٢/ ٥) وأبو داود (١/ ٣٢٥) بلفظ: أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله ÷ ... إلخ.