باب القول في صلاة الجمعة والعيدين
  وروى أبو بكر، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، قال: كان رسول الله ÷ يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، فيخطب خطبتين(١).
  وروى أيضاً عن ابن عباس أن النبي ÷ كان يخطب يوم الجمعة قائماً، ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب(٢).
  وروى نحوه عن نافع عن ابن عمر عن النبي ÷(٣).
  فإذا ثبت ذلك من فعل النبي ÷ ثبت وجوب الخطبتين؛ لأنه بيان لمجمل واجب، فيجب أن يكون على الوجوب.
  فإن قيل: قول الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ}[الجمعة: ٩] يدل على أن أدنى الذكر يجزئ في الخطبة؛ لأن الله تعالى أوجب السعي إلى الذكر، والذكر يقع على القليل والكثير.
  قيل له: ليس في الآية بيان الذكر الذي يجب السعي إليه، وفعل النبي ÷ بيان له، فيجب أن تكون الآية محمولة عليه، ويجب أن يكون فعله ÷ محمولاً على الوجوب.
  فإن قيل: الظاهر اقتضى وجوب السعي إلى ذكر الله، فهو عام يقع على كل ذكر لله إلا ما يمنع منه الدليل.
  قيل له: هذا لا يجب؛ لأن الذكر معرف مع الإثبات، والمعرف مع الإثبات يجب أن يكون خاصاً، فلا يمكن ادعاء العموم فيه، على أنه لو كان عموماً لوجب أن يخصه فعل النبي ÷، وقد بينا أنه بيان مجمل واجب.
(١) مصنف ابن أبي شيبة (٧/ ٣١٠).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٤٤٩).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٤٤٩).