باب القول في صلاة الجمعة والعيدين
المسألة الخامسة: [أن الإمام شرط في صحة الجمعة]
  وقلنا: إن الإمام شرط في صحة الجمعة لما رواه أبو الحسن الكرخي في المختصر بإسناده عن ابن المسيب، عن جابر قال: خطبنا رسول الله ÷ يوم جمعة فقال: «اعلموا أن الله تبارك وتعالى فرض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، [في عامي هذا](١)، إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعد موتي استخفافاً بها وبحقها وجحوداً لها وله إمام عادل أو جائر فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في أمره».
  فلما ذم ÷ تاركها بشرط أن يكون له إمام علم أن الإمام شرط في وجوبها، وإذا ثبت أنه شرط في وجوبها ثبت أنه شرط في صحتها؛ لأن الجمعة متى صحت وجبت(٢).
  فإن قيل: فقد قال ÷: «من كان له إمام عادل أو جائر». [وعندكم أن الجمعة لا تصح بالسلطان الجائر، وهو خلاف ما في الخبر](٣).
  قيل له: [قوله: «أو جائر» معناه](٤) في الباطن دون الظاهر.
  وفائدته أنه ليس علينا مراعاة باطن الإمام، فسواء كان في الباطن عادلاً أو جائراً فإمامته صحيحة، والجمعة معه واجبة إذا كانت أحواله في الظاهر سليمة.
  فإن قيل: فمن أين قلتم إن السلطان الظالم لا تصح به الجمعة حتى نسلم لكم هذا التأويل؟
  قيل له: لقول الله تعالى: {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ}[هود: ١١٣]،
(١) ما بين المعقوفين من أمالي أبي طالب وغيره.
(٢) ما يقال في المرأة والعبد، فإنها صحت منهما ولم تجب. تمت من هامش ب.
(٣) ما بين المعقوفين من المطبوع.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، وفي (د): قيل له: المراد جائر. وفي المطبوع: قيل له: معناه عندنا من كان له إمام عادل أو جائر.