باب القول في حمل الميت والصلاة عليه
  يكفر لم يحب ألا يصلى عليه.
  قيل له: الآية دلت على أن المنع من الصلاة عليهم لكل(١) واحد من الأمرين، وذلك المنع من الصلاة عليهم جار مجرى العقاب لهم، ولا يجوز أن يعاقب الإنسان لأمرين(٢) إلا إذا كانا كل واحد منهما مما يجب العقاب به، ألا ترى أنه لا يجوز أن يعاقب لأمرين أحدهما معصية والآخر مباح؟ فإذا ثبت ذلك وثبت أن الله تعالى منع من الصلاة عليهم للكفر والفسق ثبت أنه لا يصلى على من كان كافراً أو كان فاسقاً.
  ويدل على ذلك: ما روي عن عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أتت النبي ÷ فقالت: إني زنيت، وهي حبلى، فدفعها إلى وليها، وقال أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها، فلما وضعت جاء بها، فرجمها، ثم صلى عليها، فقال: له عمر: تصلي عليها وقد زنت؟ فقال له ÷: «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين(٣) من أهل المدينة لكفتهم»(٤).
  فلولا أنه كان من المعلوم عند عمر أنه لا يصلى على الفاسق لم يكن لقوله: «أتصلي عليها وقد زنت» معنى، ولولا أن ذلك كان صحيحاً لم يقل ÷ مجيباً له: «إنها قد تابت توبة» بل كان يقول: وما في أنها زنت مما يمنع من الصلاة عليها؟ فثبت بذلك أنه لا يصلى على الفاسق.
  ويدل على ذلك أيضاً: ما روي عن جابر بن سمرة أن رجلاً قتل نفسه بمشاقص(٥)، فقال النبي ÷: «أما أنا فلا أصلي عليه»(٦).
(١) في (أ، د) ونسخة في (ب): بكل.
(٢) في (أ): بأمرين.
(٣) في (ب، ج): على سبعين.
(٤) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٢٤) وأبو داود (٣/ ١٥٤، ١٥٥) والترمذي (٣/ ٩٤).
(٥) المشقص: نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض، فإذا كان عريضاً فهو المعبلة. (نهاية).
(٦) أخرجه النسائي (٤/ ٦٦).