شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الزكاة

صفحة 10 - الجزء 2

مسألة: [فيما تجب زكاته من الأموال المفقودة لما مضى من السنين وما لا تجب]

  قال: ولو أن رجلاً ضاع منه مال بسرقة أو غيرها في بلد المسلمين فغاب عنه سنين لزمه أن يخرج زكاته متى ظفر به للسنين المتقدمة، وإن غلب عليه المشركون في دار الحرب فبقي في أيديهم سنين ثم ظفر به صاحبه لم يلزمه زكاة لما مضى من السنين.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  ويدل على ذلك: قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}⁣[التوبة: ١٠٣]، وقوله: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٦٧].

  وقال ÷: «في خمس من الإبل شاة». فلم يشترط في شيء من ذلك ملك اليد، فعموم ما ذكرناه يقتضي وجوب الزكاة في الأموال سواء كانت في يد مالكها أو كانت خارجة عن يده.

  وروى محمد بن منصور، عن علي بن صفوان⁣(⁣٢)، قال: حدثنا ابن فضيل، قال: حدثنا أشعث، عن ابن سيرين، قال: حُدِّثْنَا أن علياً # سئل عن المال الغائب يكون لرجل أيؤدي زكاته؟ قال: (نعم، ما يمنعه؟) قال: لا يقدر عليه، قال: (فإذا قدر عليه فليزك ما غاب عنه).

  فإن قيل: فهلا قلتم: إنه يؤخذ عنها الزكاة وإن لم يظفر بها؛ لأن الظواهر لم تستثن تلك الحال؟

  قيل له: خصصناها بدلالة الإجماع، وبما رويناه عن علي #، وأيضاً قد ثبت أن ملكه كما كان لم يتغير، وأن المال مما تجب فيه الزكاة. وليس لهم أن يعترضوا هذه العلة بأن الزكاة لا تؤخذ عنها قبل أن يظفر بها⁣(⁣٣)؛ لأنا عللنا لإيجاب


(١) الأحكام (١/ ١٩٢)، والمنتخب (١٤٧).

(٢) الصواب: علي بن منذر. (كاشف مفيد).

(٣) في (د): «لا تؤخذ عنه قبل أن يظفر به» وكذلك آخر الفقرة: «هو حين الظفر به». بتذكير الضمير.