كتاب الزكاة
  الفائدة لا يجب زكاتها إلا بأن يحول حولها.
  قيل له: المراد بحول الحول هو حول الأصل؛ ألا ترى أنه معرف بالألف واللام، وهما للعهد؟ وليس يمتنع أن يقال: إن حول الأصل قد حال على الأصل والفائدة؛ لأن حول الحول اسم لوقوع آخر جزء من الحول.
  يبين ذلك أنك تقول: اليوم حال الحول على مالي، والمراد به وقوع آخر جزء منه، وإذا كان ذلك كذلك كان هذا الخبر ملائماً لمذهبنا؛ لأنا لا نوجب الزكاة في الفائدة إلا بأن يحول عليها الحول، إلا أنا نعتبر بحول الأصل دون حولها، وليس في الخبر ما يوجب أن الاعتبار يجب أن يكون بحولها. وأيضاً لا خلاف في أن السخال تضم إلى الأمهات فتزكى مع الأمهات بحولها، فكذلك سائر الفوائد؛ والعلة أنها زيادة مال في حول على نصاب من جنسه.
  فإن قيل: ليست العلة في ضم السخال إلى الأمهات ما ذكرتم، وإنما العلة فيها أنها من الأمهات، فوجب الحق فيها من طريق السراية.
  قيل له: هذه علة لا تتعدى موضع الوفاق. على أنها لا تدافع علتنا، فلو قلنا بهما جميعاً لم يكن علينا معترض. وأيضاً لا خلاف بيننا وبين الشافعي - وهو المخالف في هذه المسألة - أنه لا معتبر بنصاب الفائدة، وإنما المعتبر بنصاب الأصل، فوجب أن يكون الحول كذلك قياساً عليه؛ والعلة أن كل واحد منهما سبب وجوب الزكاة.
  فإن قاسوها على الأصل أو على الفائدة من غير جنسه كان قياسنا أولى؛ لاستناده إلى الظواهر التي ذكرناها؛ ولأن قياس الفائدة على الفائدة أولى من قياسها على الأصل؛ ولأن قياس المتجانسين أولى من قياس المختلفي الجنس. على أنه لا خلاف بيننا وبينهم أن من ملك مائتي درهم أشهراً ثم اشترى عروضاً للتجارة فصارت قيمتها يوم استكمال حول المائتين ثلاثمائة درهم - أنه يزكى العرض بقيمته، وهذا يشهد لعلتنا ويبين أن حكم الفوائد يجب أن يكون حكم الأصل.