باب القول في كيفية وجوب الزكاة
  ذهب، فقلت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز»(١).
  وروى أبو داود وغيره عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن امرأة أتت النبي ÷ ومعها بنت لها، في يد ابنتها مسكتان من ذهب غليظتان، فقال: «أتعطين زكاة هذا»؟ فقالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار»(٢). فدل ذلك على وجوب زكاة الحلي.
  فإن قيل: يجوز أن يكون المراد بالتزكية الإعارة، فقد روي ذلك.
  قيل له: قوله ÷: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي» دليل على أن المراد به ليس هو الإعارة؛ لأن الإعارة لا تتعلق بالنصاب، وإنما يتعلق به(٣) الزكاة المعهودة.
  وقوله في الخبر الثاني: «أتعطين زكاة هذا»؟ أيضاً يدل على أنه أراد إعطاء غيرها؛ لأن زكاتها ليست هي، والإعارة تكون إعطاءها نفسها، فبان أن المراد به هو الزكاة التي نذهب إليها دون الإعارة.
  على أن الزكاة إذا أطلقت في الشريعة فإنها تفيد إخراج المال على وجه مخصوص، دون الإعارة، والواجب في ألفاظ النبي ÷ أن تحمل على المعهود في الشريعة دون ما سواه إلا بدليل.
  على أن الإعارة غير واجبة بالإجماع، فإذاً ما اقتضى الخبر إيجابه ليس هو الإعارة، فاقتضى ظاهر ما ذكرناه أن يكون المراد به التزكية دون الإعارة.
  وروى أبو بكر الجصاص بإسناده، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، أن زينب الثقفية امرأة عبدالله سألت النبي ÷: إن لي طوقاً فيه عشرون مثقالاً، أفؤأدي زكاته؟ قال: «نعم، نصف مثقال». قالت: فإن في
(١) سنن أبي داود (١/ ٤٥٦).
(٢) سنن أبي داود (١/ ٤٥٦)، وسنن النسائي (٥/ ٣٨).
(٣) في (أ، ب، ج): بها.