باب القول في كيفية وجوب الزكاة
  يده، ومنع المولى من التصرف فيه لا يقدح فيما ذكرنا؛ إذ المنع من التصرف لا يزيل الملك؛ ألا ترى أن الصبي ممنوع من التصرف، وكذلك المجنون، والمحجور عليه، [وأملاكهم غير زائلة؟ فكذلك مولى المكاتب سبيله سبيل ما ذكرنا من الصبي والمجنون والمحجور عليه](١).
  وقلنا: «إن المكاتب في حكم المالك» وإن كان تصرفه تصرف الوكيل على بعض الوجوه لأنه لا يتصرف فيه عن غيره، بل بتصرف عن نفسه.
  فإن قيل: فلم لم توجبوا الزكاة فيه عند حلول الحول؟ ولم انتظرتم استقرار الملك لأحدهما باستقرار العتق للمكاتب أو الرق؟
  قيل له: لأنا لو أجبناها لم نخل من قسمين: أحدهما: أن نوجبها على كل واحد منهما، وهذا فاسد؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون المأخوذ من الرقة نصف العشر، ومن أربعين شاةً شاتين، ومن خمس وعشرين من الإبل ابنتي مخاض، وذلك فاسد.
  [الثاني]: أو نوجبها على واحد منهما، وهذا أيضاً فاسد؛ لأنا لو أوجبناها على أحدهما كنا قد جوزنا أن ينقطع ملكه ويستقر ملك غيره، من المولى أو المكاتب، فنكون قد أوجبنا عليه زكاة ما لا يملكه، فلم يبق إلا أن يوقف على ما ذكرناه.
  وبمثل هذه الطريقة يبطل سؤال من يقول: هلا أوجبتم أن يؤدي الزكاة على قدر ما أدى من مال الكتابة، كما اعتبرتم ذلك في سائر أحكامه؟ ألا ترى أنه يؤدي إلى جواز أن يكون المولى هو لا يستقر ملكه؟
(١) ما بين المعقوفين من المطبوع.