شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 35 - الجزء 2

  وتحرير العلة فيه أنه حصل عاصياً لله بمنع ذي حق حقه، فوجب أن يضمنه قياساً على من غصب أو امتنع من رد الوديعة.

  فإن قيل: الوديعة لمعين، فلم يمتنع أن يضمن له، والزكاة لا لمعين، فلا يجب أن يضمنها.

  قيل له: كونها لمعين أو لا لمعين لا يؤثر في إيجاب الضمان، كما لا يؤثر في إيجاب الأصل، على أن رجلاً لو غصب مالاً للفقراء⁣(⁣١) ضمنه لهم، فصح أن الضمان لا يتعين بأن يكون لمعين أو لأقوام غير معينين.

  فإن قيل: المودع لا يضمن إلا بالتفريط في رد الوديعة بعد مطالبة ربها بها، وأنتم لا تشترطون المطالبة في تضمين الزكاة.

  قيل له: أَمْرُ الله ø بإخراجها على الإطلاق من غير مطالبة مطالب يُوْجِبُ عليه إخراجها [فهو جار مجرى مطالبة صاحب الوديعة بردها، فقد حصل في الزكاة ما يجري مجرى مطالبة رب الوديعة بردها، وهو أمر الله تعالى بإخراجها]⁣(⁣٢).

  فإن قيل: فلو أن جماعة أودعوا رجلاً شيئاً واشترطوا ألا يرده إلا على جماعتهم، فطالبه به واحد منهم فلم يرده عليه - لم يضمن؛ لما كان الشرط لجماعة، فكذلك الزكاة؛ لأنها لجماعة.

  قيل له: إنه لا يضمن الوديعة إذا كانت الحال ما ذكرت لأنه لا يجب عليه ردها على واحد، بل يحرم ذلك عليه، وليس كذلك الزكاة؛ لأنها واجبة، وعليه إخراجها، فحصل فيها التفريط، ولم يحصل التفريط ممن لم يرد الوديعة والحال ما وصفت.

  يبين ذلك أن الجماعة لو طالبوه بردها ولم يردها وتلفت ضمنها، فبان أن


(١) في (أ، ب، ج): من الفقراء.

(٢) ما بين المعقوفين من المطبوع.