كتاب الزكاة
  رسول الله ÷ أمره أن يخرص العنب زبيباً كما يخرص الرطب(١).
  وروي عن أبي بكر أنه كان يأمر بالخرص.
  وعن عمر أنه بعث سهل بن أبي حثمة يخرص على الناس(٢)، وروي عنه أنه بعث ابنه عبدالله ليخرص على أهل خيبر، ولم يرو أن أحداً من الصحابة أنكر ذلك.
  وأخبرنا أبو بكر، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن وأحمد بن داود، قالا: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثنا عمرو بن يحيى المازني، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبي حميد الساعدي، قال: خرجنا مع رسول الله ÷ في غزوة تبوك، فأتينا وادي القرى على حديقة امرأة، فقال النبي ÷: «اخرصوها»، فخرصها النبي ÷ [وخرصناها] عشرة أوسق، وقال: «أحصيها حتى أرجع إليك إن شاء الله». قال: فلما قدمنا سألها النبي ÷: «كم مبلغ(٣) تمرها»؟ فقالت: عشرة أوسق(٤) يا رسول الله.
  ومما يدل على ذلك أنه قد ثبت أن للفقراء حقاً في الثمار، وأنه لا يجوز أن يعدل عنه إلى القيمة، ولا خلاف أن لأربابها الانتفاع به في حال كونه رطباً، وذلك لا يمكن إلا بالخرص، فوجب أن يكون القول به صحيحاً.
  فإن قيل: روى أبو الزبير عن جابر أن رسول الله ÷ نهى عن الخرص، وقال: «أرأيتم إن هلك الثمر، أيحب أحدكم أن يأكل مال أخيه باطلاً؟»(٥).
  قيل له: المراد به أن يلزم بالخرص إلزاماً يؤخذ به وإن هلك الثمر؛ لأنه قد نبه
(١) في المخطوطات: التمر. والمثبت من شرح معاني الآثار (٢/ ٣٩).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٥٦٠).
(٣) في شرح معاني الآثار: بلغ.
(٤) شرح معاني الآثار (٢/ ٤٠).
(٥) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٤١).