شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة الذهب والفضة

صفحة 51 - الجزء 2

مسألة: [فيمن له ذهب أو فضة ولم يزكه سنين]

  قال: وإذا بقي عند رجل ذهب أو فضة أو هما جميعاً سنين لم يزكها⁣(⁣١) فيها لزمه إخراج الزكاة للسنة الأولى منها⁣(⁣٢) كملاً، ثم للثانية مما بقي بعد إخراج الزكاة للسنة الأولى، ثم كذلك إلى أن ينحط عن النصاب. وكذلك القول في زكاة الماشية إذا تأخرت.

  وهذ منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٣).

  وأبو حنيفة يوافقنا في أن الزكاة تمنع الزكاة وإن كان يخالفنا في علة المسألة؛ لأنه يذهب إلى أن الدين يمنع الزكاة، ويجري الزكاة مجرى الدين، وعندنا أن الدين لا يمنع الزكاة على ما قدمنا [من] القول فيه، وإنما نقول: إن الزكاة تمنع الزكاة لأن قدر الزكاة عندنا يصير مستحقاً للمساكين، فيخرج عن أن يكون ملكاً لصاحب المال، فلذلك قلنا: إنه لا زكاة فيه.

  والذي يدل على ذلك: قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}⁣[التوبة: ١٠٣]، و «مِنْ» إذا لم تكن للصلة أو لابتداء الغاية فهي للتبعيض، فأوجبت الآية أخذ بعض أموالهم، وذلك يقتضي أن يكون ذلك القدر مستحقاً عليهم، فوجب أن يكون خارجاً من ملكهم.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون «مِنْ» هاهنا للصلة أو لابتداء الغاية؟

  قيل له: لو كان «من» للصلة لوجب أن يكون جميع المال مأخوذاً، وهذا فاسد، ولو كان لابتداء الغاية لم يكن له معنى مفهوم، فبان أنها للتبعيض على ما قلناه.

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا اَ۬لصَّدَقَٰتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَٰكِينِ}⁣[التوبة: ٦٠]، فجعلها لهم، فثبت أنهم قد استحقوها.


(١) في (أ): يزكهما.

(٢) في (ب): منهما.

(٣) الأحكام (١/ ٢٠٠).