شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 61 - الجزء 2

  الإبل إذا زادت على عشرين ومائة فليس فيما دون عشرين ومائة⁣(⁣١) شيء، حتى تبلغ ثلاثين ومائة، فيكون فيها حقة وابنتا لبون»، فهذا الحديث يمنع تغير الفرض بالواحد، والحديث الأول يوجب تغيره بالواحد، فوجب أن يكونا متعارضين، وإذا تعارضا سقطا وسلم لنا خبر الاستئناف.

  فإن قيل: هذان الخبران يعارضان خبركم.

  قيل له: خبرنا أولى بالاستعمال؛ لأنه لا يوجب تغيير⁣(⁣٢) الفرض المتقدم، وأخبارهم تقتضي تغييره، على أن الفرض الثابت لا يجوز نقله إلا بالتوقيف أو الاتفاق، فإذا عدم الاتفاق ولم يثبت التوقيف للتعارض الحاصل بين الأخبار وجب إبقاؤه، وإذا وجب إبقاؤه فلا قول بعده إلا القول باستئناف الفرض.

  ويدل على فساد قول من أوجب تغيير الفرض بزيادة الواحد أن⁣(⁣٣) الواحد الزائد⁣(⁣٤) لا يخلو من أن يكون عفواً أو يكون الوجوب فيه وفيما قبله، فإن كان عفواً فيجب ألا يغير الفرض المتقدم؛ لان⁣(⁣٥) أصول الزكوات أجمع مبنية على أن العفو لا يغير الفرض، أو يكون الوجوب فيه وفيما قبله، فإذا كان كذلك وجب أن تكون ابنة لبون تجب في كل أربعين وثلث من الإبل، وهذا خلاف السنة التي تعلقوا بها، فلا بد لهم من مخالفة خبرهم أو مخالفة أصول الزكوات.

  فإن قيل: ليس فيه مخالفة الأثر وإن قلنا: إن الوجب فيه وفي الأصل، كما قلتم أنتم: في كل أربعين ابنة لبون وإن كان وجوبها في ست وثلاثين.


(١) كذا في المخطوطات، والصواب: فليس فيما دون العشر شيء. والحديث رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال (١٢/ ٣٣)، ولفظه: حدثنا يزيد بن هارون، عن حبيب بن أبي بحبي، عن عمرو بن هرم، عن محمد بن عبدالرحمن: أن في كتاب صدقة النبي ÷ وفي كتاب عمر في الصدقة: «أن الإبل إذا زادت على عشرين ومائة فليس فيما دون العشر شيء حتى تبلغ ثلاثين ومائة».

(٢) في (ب، د): تغير.

(٣) في المخطوطات: لأن.

(٤) في (ب): الزائد الواحد.

(٥) في (د) ونسخة في (أ): ولأن.