شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة المواشي

صفحة 64 - الجزء 2

  وهذا رسول الله ÷ منك قريب؛ فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل، فجاء بها إلى النبي ÷ فذكر قصته، وقال: قد جئتك بها يا رسول الله خذها⁣(⁣١). فقال له ÷: «ذاك الذي عليك، فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه»، وأمر رسول الله ÷ بقبضها، ودعا له⁣(⁣٢).

  وروى محمد بن منصور، عن علي بن منذر، عن ابن فضيل، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: بعث رسول الله ÷ علياً إلى قوم يُصَدِّقُهم، فقال: إن عليكم في صدقاتكم كذا وكذا، فقالوا: لا نجعل لله اليوم إلا خير أموالنا، فقال علي #: ما أنا بعاد عليكم السنة حتى أرجع إلى النبي ÷ فأستأذنه، فرجع إلى النبي ÷ وقص عليه القصة؛ فقال له: «بين لهم ما عليهم في صدقاتهم، فما طابت به أنفسهم بعد فخذه منهم».

  فدلت السنة على أن صاحب المال إذا أعطى من جنس ما وجبت فيه الصدقة أفضل مما لزمه أخذ منه.

  فلذلك قلنا: إن صاحب الخمس من الإبل إذا أعطى واحداً منها بدل الشاة أخذ منه.

  وأيضاً قد ثبت في أصول الزكوات أن الزكاة تؤخذ من عين ما أخذ منه، فلما كان ذلك كذلك ووجدنا القليل من الإبل يؤخذ منه الأغنام، ثم إذ كثرت تعود الصدقة على الإبل علمنا أن الأغنام دخلت في صدقات الإبل على سبيل الرخصة في الابتداء، فلما ثبت ذلك وثبت في الرخص أن العدول عنها إلى الأصل جائز قلنا: إن العدول عن الشاة إلى البعير لصاحب الخمس من الإبل جائز، وأيضاً وجدنا من لزمته شاة فعدل عنها إلى البعير أجزأه، كالمضحي والمتمتع، فوجب أن يكون المتصدق كذلك.


(١) في (أ، ج): جئتك يا رسول الله بها فخذها.

(٢) سنن أبي داود (١/ ٤٦٤، ٤٦٥).