باب القول في زكاة المواشي
  فأما صاحب الإبل العجاف والمعيبة وصاحب الفصلان فقلنا: إنه يؤخذ منه واحد من ماله ولا يكلف شاة لأن الرديء والمعيب لو لم يؤخذا لوجب أن يُلْزَم صاحبه خيراً مما عنده؛ ولأن الأغنام على ما بينا دخلت تخفيفاً على أرباب الأموال ورخصة لهم، فإذ كان إلزامها لهم يأتي على أكثر أموالهم خرج عن أصل موضوعه، بل خرج عن أصل موضوع الزكاة؛ لأن أصول الزكوات موضوعة على إخراج اليسير من الكثير، فلذلك قلنا ذلك؛ ولأن النبي ÷ قال لمعاذ: «إياك وكرائم أموالهم»(١)، فإذ طولب صاحب المعيبة من الذود بشاة صحيحة كان قد طلب منه ما هو أكرم من ماله، والظاهر يمنع منه.
مسألة: [إذا لم يوجد السن الواجب أخذ المصدق الموجود وترادا الفضل]
  وإذا لزم صاحب الإبل سن ولم يوجد في إبله أخذ منه ما يوجد، فإن كان فوق ما لزمه رد المصدق عليه فضل ما بينه وبين ما لزمه، وإن كان دونه رد على المصدق فضل ما بينهما.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢).
  والوجه فيه: أن ما هو الأصل من السن وبه ورد الشرع إذا لم يوجد وأخذ غيره كان مأخوذاً على أنه يقوم مقامه، ولا يكون قائماً مقامه إلا إذا وازاه في القيمة، فوجب أن يعدل البدل بالقيمة على ما ذكرناه.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه أمر أن يتراد صاحب المال والمصدق لتفاوت ما بين السنين عشرين درهماً أو شاتين(٣).
  قيل له: لا نمتنع من ذلك إذا كان هو القيمة، والخبر عندنا منبه على وجوب أخذ الغير على التقويم.
(١) أخرجه أبو داود (١/ ٤٦٥) وابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٣٥٤).
(٢) الأحكام (١/ ١٦٥)، والمنتخب (١٥١).
(٣) أخرجه البخاري (٢/ ١١٧)، وأبو داود (١/ ٤٥٧، ٤٥٨).