باب القول في زكاة المواشي
  يبين ذلك أن الأصل في الأسنان الواجبة قد ثبت بإجماع الأمة، والأثر الوارد فيه قد تلقته الأمة بالقبول، والخبر الذي استدللتم به متى حمل على ما ذهبتم إليه يؤدي إلى رفع بعض ما ثبت بالإجماع؛ لأن المأخوذ من ذلك على غير تقويم إما أن يكون زائداً على الأصل أو ناقصاً عنه، وإذا حمل الخبر على ما نذهب إليه من التقويم كان ملائماً للأصل، فوجب أن يكون تأويلنا أولى.
  فإن قيل: ما أنكرتم من أن يكون تخصيص الخبر الوارد في أصول أسنان الإبل بخبرنا أولى من تخصيصكم خبرنا بخبركم الوارد في أصول الأسنان؛ لأنه أخص بموضع الخلاف؟ ألا ترى أنه قد ورد في الموضع الذي لا توجد فيه الأسنان الواجبة؟
  قيل له: تخصيصنا أولى؛ لأن الأصول تشهد له، وذلك أنا وجدنا الواجب على الإنسان إذا لم يوجد ووجد ما فوقه أو دونه رجع في التعديل إلى التقويم، وكان ذلك هو الأصل المعمول عليه، إلا في مواضع مخصوصة، فكان تأويلنا أولى وأشبه بالأصول.
  فأما إذا وجبت في الإبل ابنة مخاض فلم توجد، ووجد ابن لبون، فقد نص القاسم # فيما رواه عنه يحيى # في الأحكام، وفي رواية النيروسي أنه يؤخذ من غير مراعاة التقويم.
  والأصل فيه أن الخبر الوارد في صدقة الإبل صرح به ونص عليه، فصار ذلك أصلاً؛ ألا ترى أنه لم يذكر فيه الدراهم، وإنما أوجب ابن لبون بشرط ألا توجد ابنة مخاض؟ فجرى مجرى الصيام للمظاهر إذا لم يستطع العتق.