شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 81 - الجزء 2

  والاختلاط، بل كل ما لا يلزم⁣(⁣١) منه المنفرد لا يلزم الشريك والمخالط.

  فإن قيل: فأنتم تقولون: لو أن جماعة اجتمعوا على سرق ما قيمته عشرة دراهم وجب أن يقطعوا، فكذلك إذا اشتركوا في المواشي يجب أن تؤخذ منهم الصدقة.

  قيل له: نحن إنما أوجبنا القطع فيما سألت لأن كل واحد منهم سارق لذلك المسروق، فكان كل واحد منهم سرق ما يساوي عشرة دراهم، وليس كذلك حال الخليطين؛ لأن كل واحد منهما لا يملك الجميع، وإنما يملك الشقص منه، فوجب أن يكون سبيلهما سبيل المنفردين.

  فأما مالك فإنه يوافقنا على أنه لا اعتبار بالخلطة⁣(⁣٢) فيما دون النصاب، فنقيس عليه ما زاد على النصاب؛ بعلة تمايز الملكين.

  وحكي عنه الفرق بين الخلطة فيما دون النصاب والخلطة فيما فوقها، وهو أنه قال: لو أني قلت بالخلطة فيما دون النصاب لجعلت الرفق أبداً للمساكين والبخس على أرباب الأموال، وإذا قلت بالخلطة فيما زاد على النصاب كان الرفق للفقراء مرة ولأرباب الأموال أخرى؛ لأني إذا قلت بالخلطة في مائة وعشرين شاة تكون بين ثلاثة لوجبت شاة واحدة، فكان فيه رفق لأرباب الأموال بشاتين، وإذا قلت بالخلطة في مائتي شاة وشاة بين نفسين أوجبت فيها ثلاث شياه، فيكون فيه رفق للمساكين شاة.

  يقال له في ذلك: أنت لو قلت بمراعاة الملك دون الخلطة فيما زاد على النصاب كما قلت فيما نقص عنه على ما نذهب إليه لكان أيضاً يكون الرفق تارة لأرباب الأموال وتارة للمساكين؛ لأن مائة وعشرين إذا كانت بين ثلاثة على سواء يكون فيه ثلاث شياه، فيكون الرفق فيه للمساكين، ويكون الرفق لأرباب الأموال في مائتي


(١) في المخطوطات: كل ما يلزم.

(٢) في (أ): أن الاعتبار بالخلطة.