كتاب الزكاة
  بعمومه أخذ الصدقة من أربعين شاة وإن كانت بين اثنين.
  قيل له: الآية مخصوصة بما قدمناه.
  ويدل على ما نذهب إليه أيضاً قوله ÷: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، وأردها في فقرائكم»، فجعل الناس صنفين: أحدهما: غني مأخوذ منه. والثاني: فقير مدفوع إليه.
  فإذا ثبت ذلك وثبت أن من له شاة واحدة له أن يأخذ الصدقة وإن كانت مخالطة لتسع وثلاثين لغيره ثبت أنه فقير، وإذا ثبت أنه فقير ثبت أن الصدقة لا تؤخذ منه. يبين ذلك أنه لا خلاف في أنه فقير إذا كان منفرداً، وكذلك يجب أن يكون وإن صار خليطاً؛ لأن الخلطة لا تكسبه غنى.
  ويدل على ذلك من طريق النظر أن المخالط مقيس على المنفرد؛ بعلة أن نصاب ماله لم يكمل، فوجب ألا تلزمه الصدقة. وأيضاً لا خلاف أنه لو خالط الذمي والمكاتب لم تلزمه الصدقة، فكذلك إذا خالط المسلم؛ والعلة أن نصاب ماله كمل بملك غيره. ويمكن أن يقاس النصاب على الحول بمعنى أنه أحد شرطي الزكاة، فكما أن رجلاً لو ملك أربعين شاة ستة أشهر، ثم ملك آخر ستة، لم يلزم فيه الصدقة للاشتراك في الحول(١)، فكذلك يجب ألا يلزمه الاشتراك في النصاب قياساً عليه.
  على أن أحد قولي الشافعي: أن الشركة فيما عدا المواشي لا تغير حكم الانفراد، فوجب أن تكون كذلك في(٢) المواشي. وقياسنا يترجح على قياسهم المختلط على المنفرد؛ بعلة وجود النصاب واجتماعه مع خفة المؤنة عند من له مدخل في الطهرة وتمام الملك بشهادة الأصول، وذلك أنا وجدنا وجوب الحج والكفارات والنفقات وسائر ما يجب على الإنسان لا يجب للاشتراك
(١) في (أ، ب، ج): لاشتراك الحول.
(٢) «في» ساقطة من (ب، ج).