كتاب الزكاة
  فإن قيل: إذا لم تجز السخلة في الأضحية لم تجز في الزكاة.
  قيل له: هذا منتقض بالمعيبة التي تجزي إذا كان الشاء كله معيباً.
  على أن موضوع الزكاة يشهد لما ذهبنا إليه؛ لأنها موضوعة على الرفق لأرباب الأموال؛ ألا ترى أنه لا يؤخذ منهم فحل الغنم ولا الأكولة، وأن الماشية يقسمها المصدق قسمين، ويخير صاحب المال فيهما، ثم يأخذ الصدقة من القسم المتروك؟
  وأيضاً روي أن النبي ÷ رأى ناقة حسنة في إبل الصدقة فقال: «ما هذه»؟ فقال صاحب الصدقة: إني ارتجعتها(١) ببعيرين(٢) من حواشي الإبل. قال: «فنعم إذاً»(٣)، فكل ذلك يبين أن صاحب المال لا يكلف أفضل مما يوجد في ماله.
  فإن قيل: أليس من له ست وثلاثون بنت مخاض يكلف ابنة لبون وإن لم تكن في ماله؟
  قيل له: إن السن في هذه المسألة يجري مجرى العدد، يرتفع بزيادة المال، فلذلك يجب ألا يؤخذ دونها، كما أن من له مائة وإحدى وعشرون سخلة لا يجوز أن يؤخذ منه دون السخلتين، على أنه عندنا لا يكلف ابنة لبون؛ بل يؤخذ منه ابنة مخاض وفضل ما بينها وبين ابنة لبون.
(١) الارتجاع: أن يقدم الرجل بإبله المصر فيبيعها ثم يشتري بثمنها غيرها، فهي الرجعة بالكسر. وكذلك هو في الصدقة إذا وجب على رب المال سن من الإبل فأخذ مكانها سناً أخرى، فتلك التي أخذ رجعة؛ لأنه ارتجعها من الذي وجبت عليه. (نهاية).
(٢) في المخطوطات: ببعير. والمثبت من كتب الحديث.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٣٦١)، وأحمد في المسند (٣١/ ٤١٦).