كتاب الزكاة
  السنة على أن لا صدقة في الخضراوات»(١).
  قيل له: لا يمتنع أن يكون المراد به خضراوات المدينة من حيث لم تكن تبلغ القدر الذي تجب فيه الزكاة، وبهذا يسقط قولهم: إن الخضراوات كانت على عهد رسول الله ÷ ولم يرو أنه أخذ منها صدقة؛ إذ معلوم في كثير من بلاد الريف والخصب أن الخضراوات لا تكاد تجتمع في ملك الرجل الواحد حتى تبلغ الحد الذي تجب فيه الصدقة إلا نزراً، فكيف بلد الحجاز؟
  فإن قيل: فهلا بنيتم قوله ÷: «فيما سقت السماء العشر» مع الآيات التي تعلقتم بها على قوله: «ليس في الخضراوات صدقة»، ومن مذهبكم بناء العام على الخاص، كما بنيتم ذلك على قوله: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»؟
  قيل له: نحن نوجب بناء العام على الخاص ليصح استعمالهما، ولئلا نخرج إلى اسقاط أحدهما، فأما إذا أمكن استعمالهما من غير وجه البناء لم نقل: إن البناء واجب، وحديث الخضراوات ممكن أن نجعله خاصاً في التي لم تبلغ المقدار الذي يجب فيه الصدقة على ما بيناه، فأما إذا أمكن استعمال حديث الخضراوات وسائر ما تعلقنا به من الظواهر على هذا الوجه، لم يجب البناء، وأما ما قلناه من حديث الأوساق وأنه يبنى عليه قوله ÷: «فيما سقت السماء العشر» فلأنه لا وجه لاستعمالهما غير البناء.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: أنتم(٢) إذا استعملتم الخبرين - أعني قوله: «فيما سقت السماء العشر»، وقوله: «ليس في الخضراوات صدقة» - بأن جعلتم حديث الخضراوات خاصاً، وبقيتم قوله: «فيما سقت السماء العشر» على عمومه إلا في المقدار الذي ذكرتم، فنحن أيضاً قد استعملنا
(١) أخرج نحوه الدارقطني في السنن (٣/ ٤٢).
(٢) في (ب): إنكم.