باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض
  ولا خلاف أن التمر لا يقوم، فوجب أن يكون الكرم لا يقوم؛ لأنه ÷ أمر بخرصه كما تخرص النخل؛ ولأنه لو قوم لم يحتج فيه إلى الخرص، فلما أمر النبي ÷ بالخرص علم ألا تقويم فيه.
  وأيضاً وجدنا التقويم إنما يطلب في التزكية للشيء إذا لم يكن له في نفسه وجنسه نصاب، [يدل على ذلك أن شيئاً مما له في نفسه وجنسه نصاب](١) لا يطلب تقويمه؛ لأن المطلوب بالتقويم إنما هو النصاب، فوجب على هذا ألا يقوم العنب؛ لأنه مما يزبب ويوسق، فيكون له في نفسه وجنسه نصاب، فهو أولى أن يعمل به.
  ووجه رواية المنتخب أنه لما وجد العنب قبل أن يصير زبيباً مما لا يكال ولا يوسق لم يجعل له في نفسه نصاباً، ولما لم يجد له نصاباً رجع إلى التقويم كما عمل في سائر ما لا نصاب له في نفسه.
مسألة: [في أنه لا يضم شيء من أجناس ما أخرجت الأرض إلى غيره]
  قال: ولا يضم شيء من الأجناس إلى غيره لتجب فيه الزكاة إذ لو كان عنده خمسة أوسق إلا صاعاً من الحنطة، ومثله من الشعير، ومثله من الذرة، ومثله من الأرز، لم يلزم في شيء منه زكاة، وكذلك إن كان له خوخ قيمته مائة وتسعون درهماً، ومثله من الإجاص، ومثله من الرمان، ومثله من البطيخ، لم يلزم في شيء منه زكاة، وكذلك القول في القطن والحناء والقضب(٢) والكتان.
  نص في الأحكام(٣) على هذه الجملة، وهو قول عامة الفقهاء، وحكي عن مالك أنه قال: تضم الحنطة إلى الشعير.
  والأصل في ذلك: حديث جابر - وقد ذكرناه بإسناده في مسألة زكاة الذهب
(١) ما بين المعقوفين من المطبوع.
(٢) في (أ، ب): القصب.
(٣) الأحكام (١/ ١٧٩).