باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض
  والفضة - قال: قال رسول الله ÷: «لا صدقة في شيء من الزرع والكرم حتى يبلغ خمسة أوسق»، فاقتضى ذلك أن لا صدقة في البر والشعير حتى يكون كل واحد منهما خمسة أوسق؛ لأنه ÷ لما قال: «لا صدقة في شيء من الزرع» تناول ذلك كل زرع من بر أو شعير أو غيرهما على حياله، ثم قال: «حتى يبلغ خمسة أوسق»، فكان ذلك راجعاً إلى كل ذلك منه؛ لأن تقديره في الكلام أن يقول: لا صدقة في البر حتى يكون خمسة أوسق، ولا صدقة في الشعير حتى يكون خمسة أوسق، ولا صدقة في الأرز حتى يكون خمسة أوسق.
  ويدل على ذلك: ما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: «ليس فيما أخرجت أرض العشر صدقة من تمر ولا زبيب ولا حنطة ولا شعير ولا ذرة حتى يبلغ الصنف(١) من ذلك خمسة أوسق(٢)».
  وروى محمد بن منصور، عن جعفر بن محمد الهمداني، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ÷ أنه قال: «ليس فيما دون خمسة أوساق من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صدقة تؤخذ».
  فليس يخلو قوله ÷: «دون خمسة أوساق» من أن يكون المراد به الأصناف الأربعة على الضم، أو يكون المراد به كل صنف منها على الانفراد، ولا يجوز أن يكون المراد به الأصناف الأربعة على الضم؛ إذ لا خلاف في أن الحنطة لا تضم إلى التمر، فوجب أن يكون المراد به كل صنف على الانفراد، وهو الذي نذهب إليه.
  وأيضاً قد ثبت أن البر والشعير جنسان مختلفان؛ لقول النبي ÷: «البر بالبر والشعير بالشعير هاء بهاء يداً بيد»، وفي بعض الأخبار: «بيعوا الحنطة
(١) في هامش أ، د): «كل صنف» نخ.
(٢) في (أ، ب، ج): أوساق.